للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَكَلَّمَ ابْنُ رُشْدٍ عَلَيْهَا بِنَحْوِ كَلَامِهِ الْمَذْكُورِ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَقَالَ إنَّهَا ذُكِرَتْ فِي رَسْمِ الْجَوَابِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مِنْهَا إنْ نَكَلَ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَسْمِ الْقِبْلَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ فِي الَّذِينَ تُعْرَضُ عَلَيْهِمْ الْأَيْمَانُ فِي الْقَسَامَةِ فَيَنْكُلُونَ ثُمَّ يَقُولُونَ بَعْدُ نَحْنُ نَحْلِفُ قَالَ كُلُّ مَنْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ فَأَبَاهَا، فَقَدْ أَبْطَلَ حَقَّهُ بِتَرْكِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي تَرْكِهَا عُذْرٌ بَيِّنٌ قَالَ سَحْنُونٌ يُرِيدُ بِالْعُذْرِ مِثْلُ أَنْ يَزْعُمُوا أَنَّ الْمَيِّتَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، أَوْ يَكُونَ أَوْصَى بِوَصَايَا وَقَبِلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي يَمِينَهُ]

(فَرْعٌ) مِنْ هَذَا النَّوْعِ مَا قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْبَابِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ تَبْصِرَتِهِ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَمِنْ الْحَزْمِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي يَمِينَهُ أَنْ يَلْتَزِمَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ قَدْ أَسْقَطَ بَيِّنَتَهُ مَا عَلِمَ مِنْهَا وَمَا لَمْ يَعْلَمْ، فَإِذَا عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ هَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ بَعْدَ يَمِينِهِ بِالْبَيِّنَةِ اهـ. وَكَذَا الِالْتِزَامُ مِنْ الْمُدَّعِي مُعَلَّقٌ عَلَى حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُدَّعِي الْتِزَامَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ.

(فَرْعٌ) وَمِنْهُ أَيْضًا مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِحُقُوقٍ عَدَّدَهَا وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى بَعْضِهَا وَلَهُ عَلَى بَعْضِهَا بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ وَطَلَب حَلِفَهُ عَلَى مَا لَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَبَقَاءَهُ عَلَى مَا لَهُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى مَا لَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ أَنَّهُ إنْ عَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِيمَا زَعَمَ أَنَّ لَهُ فِيهِ بَيِّنَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ عَلَيْهِ يَمِينٌ، فَإِنْ الْتَزَمَ ذَلِكَ حَلَّفَهُ الْآنَ عَلَى مَا زَعَمَ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ فِيهِ، فَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْ ذَلِكَ لَمْ يَسْتَعْجِلْ بِيَمِينِهِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ، فَإِنْ أَقَامَهَا وَإِلَّا جَمَعَ دَعَاوِيَهُ وَحَلَفَ لَهُ عَلَى الْجَمِيعِ. نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ فَتُّوحٍ مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ حَلَّفَ خَصْمَهُ ثُمَّ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ فِي فَصْلِ: " مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْيَمِينِ ".

(فَرْعٌ) قَالَ فِي أَوَّلِ رَسْمِ الْجَوَابِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَسَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: وَلِّنِي إنْكَاحَ ابْنَتِك وَلَك كَذَا وَكَذَا، أَوْ يَجْعَلُ ذَلِكَ إلَيْهِ وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يَعْزِلَهُ عَمَّا جَعَلَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي جَعَلَ ذَلِكَ بِجَعْلٍ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ وَلَا يَصْلُحُ وَيَرُدُّ الْجَعْلَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَهُ عَزْلُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا إنْ شَاءَ، فَإِنْ وَقَعَ النِّكَاحُ رَدَّ الْجَعْلَ عَلَى كُلِّ حَالٍ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَالِكَةً أَمْرَ نَفْسِهَا وَرَضِيَتْ بِالزَّوْجِ قَبْلَ الْعَقْدِ، أَوْ كَانَتْ بِكْرًا فِي وِلَايَةِ أَبِيهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ، وَإِنْ كَانَتْ مَالِكَةً، وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا الزَّوْجُ، وَلَمْ تَعْرِفْهُ فُسِخَ النِّكَاحُ إنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا رَأَيْتُ أَنْ يَثْبُتَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رِضًا مِنْهَا.

وَقَالَ سَحْنُونٌ إذَا فَوَّضَتْ إلَيْهِ نِكَاحُهَا لِيُزَوِّجَهَا مِمَّنْ يَشَاءُ فَزَوَّجَهَا كُفُؤًا فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ سَمَّى لَهَا أَمْ لَا بِكْرًا كَانَتْ أَمْ ثَيِّبًا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ إنَّمَا لَمْ يَجُزْ الْجَعْلُ فِي هَذَا وَقَالَ إنَّهُ لَا يَحِلُّ وَلَا يَصْلُحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>