للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذِهِ لَيْسَ لَهُ مِلْكٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلِهَذَا وَجْهٌ، وَمِنْهَا مَنْ وَطِئَ مُطَلَّقَتَهُ الرَّجْعِيَّةَ بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ فَقَالُوا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَلَا يُرَاجِعُهَا حَتَّى يَتِمَّ وَيَبْقَى شَيْءٌ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ فَإِنْ انْقَضَتْ فَلَا يَنْكِحُهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ الِاسْتِبْرَاءُ فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِيهِ فَسْخٌ، وَلَمْ يَتَأَبَّدْ تَحْرِيمُهَا لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ فَلَيْسَ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ كَالْعِدَّةِ مِنْ مَائِهِ الصَّحِيحِ إذْ مَنْ عَقَدَ عَلَى مُعْتَدَّةٍ مِنْهُ لَا يُفْسَخُ عَقْدُهُ لِصِحَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَيُعَدُّ رَجْعَةً كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَمِنْهَا مَنْ وَطِئَ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ كَالْأُخْتَيْنِ قَالُوا إنْ أَرَادَ بَقَاءَ الثَّانِيَةِ لِلْوَطْءِ اسْتَبْرَأَهَا، وَإِنْ أَبْقَى الْأُولَى لَهُ فَلَا إلَّا أَنْ يَعُودَ لِوَطْئِهَا بَعْدَ وَطْءِ الثَّانِيَةِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَاَلَّذِي يَنْشَرِحُ لَهُ الصَّدْرُ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ إنَّمَا التَّوَقُّفُ فِي كَوْنِهَا دَاخِلَةً فِي مَوْضُوعِ الْخِلَافِ أَوَّلًا، وَإِنْ كَانَ مَنْ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ أَفْتَى فِيهَا بِعَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَأَنْكَرَ وُجُوبَهُ غَايَةَ الْإِنْكَارِ مَعَ دُخُولِهَا فِي عُمُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَغَيْرِهِ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

[امْرَأَة شَأْنُهَا الْحَيْضُ طَلُقَتْ وَتَأَخَّرَ حَيْضُهَا بِلَا سَبَبٍ خَمْسَ سِنِينَ وَلَمْ تَرْتَبْ فِي الْحَمْلِ فَهَلْ تَتَزَوَّجُ]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي امْرَأَةٍ شَأْنُهَا الْحَيْضُ طَلُقَتْ، وَتَأَخَّرَ حَيْضُهَا بِلَا سَبَبٍ خَمْسَ سِنِينَ، وَلَمْ تَرْتَبْ فِي الْحَمْلِ فَهَلْ تَتَزَوَّجُ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَهَا التَّزَوُّجُ لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِتَمَامِ السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْخَمْسِ سِنِينَ، وَذَكَرْت نَصَّ الْمَجْمُوعِ الْمُتَقَدِّمَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي بَقَاءِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فِي بَيْتِ زَوْجِهَا لِخِدْمَةِ أَوْلَادِهَا مِنْهُ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَخْتَلِي بِهَا وَهُوَ مَأْمُونٌ، وَهِيَ لَا أَرَبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا، وَتَخَافُ الضَّيْعَةَ إنْ خَرَجَتْ مِنْهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ بَقَاؤُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ جَائِزٌ قَالَ الْخَرَشِيُّ، وَلَهُ أَيْ الْمُطَلِّقِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا السُّكْنَى مَعَهَا أَيْ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فِي دَارٍ جَامِعَةٍ لَهَا وَلِلنَّاسِ، وَلَوْ أَعْزَبَ انْتَهَى.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ وَقَعَتْ فِي حَقِّ اللَّهِ بِمَحْضَرِ زَوْجِهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا رِدَّةٌ، وَوَطِئَهَا ثُمَّ أَخْبَرَ فَقِيهًا فَعَقَدَ لَهُ عَلَيْهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ، وَفِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت خَالِصَةٌ فَقَالَ لَهُ عَامِّيٌّ لَيْسَ هَذَا طَلَاقًا فَوَطِئَهَا ثُمَّ أَخْبَرَ فَقِيهًا فَعَقَدَ لَهُ عَلَيْهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ أَيْضًا فَهَلْ الْعَقْدُ فَاسِدٌ فِيهِمَا، وَهَلْ لَهُ تَقْلِيدُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي صِحَّتِهِ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ الْعَقْدُ فِيهِمَا فَاسِدٌ فَيُفْسَخُ، وَتَسْتَبْرِئُ مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ، وَبَعْدَ تَمَامِ الِاسْتِبْرَاءِ يَعْقِدُ عَلَيْهَا إنْ شَاءَ، وَفَسْخُهُ طَلَاقٌ لِلْخِلَافِ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي جَوَابِ مَنْ أَبْرَأَتْهُ إلَخْ.

وَفِي الْمُخْتَصَرِ وَشَرْحِهِ لِعَبْدِ الْبَاقِي، وَلَا يَعْقِدُ أَحَدٌ عَلَيْهَا زَمَنَهُ سَوَاءٌ كَانَ زَوْجًا فُسِخَ نِكَاحُهُ أَوْ طَلَّقَهَا أَيْ بَائِنًا زَمَنَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا لِأَنَّ كُلَّ مَحَلٍّ امْتَنَعَ فِيهِ الِاسْتِمْتَاعُ امْتَنَعَ فِيهِ الْعَقْدُ إلَّا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ كَمَا فِي التَّتَّائِيِّ، وَمِثْلُهُمَا الصِّيَامُ وَالِاعْتِكَافُ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَفَرَّقَ السُّلْطَانُ بَيْنَهُمَا فَطَلَبَتْ زَوَاجَهُ مَكَانَهَا زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ مِنْهُ، وَإِنْ كَرِهَ الْوَلِيُّ قَالَ سَحْنُونٌ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ لَوْ دَخَلَ فَلَا تُنْكَحُ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثِ حِيَضٍ أَبُو عِمْرَانَ هَذَا أَصْلُ سَحْنُونَ لِقَوْلِهِ فِي الْعَبْدِ يَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ إنَّ زَوْجَتَهُ تَسْتَبْرِئُ بَعْدَ إجَازَةِ سَيِّدِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ عَقْدٍ فَاسِدٍ أُجِيزَ بِخِلَافِ مَا فَسَدَ لِصَدَاقِهِ، وَفَاتَ بِالْبِنَاءِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ فِيهِ، وَكَذَا كُلُّ وَطْءٍ فَاسِدٍ فِي نِكَاحٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>