الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا إذَا شَرَطَ الْمُتَفَاوِضَانِ عِنْدَ مُعَامَلَتِهِمَا ثُلُثَ الرِّبْحِ لِلْمَسَاكِينِ جَازَ ذَلِكَ وَلَا أُحِبُّ لَهُمَا الرُّجُوعَ فِيهِ، وَلَا يُقْضَى بِذَلِكَ عَلَيْهِمَا اهـ.
كَلَامُ التَّوْضِيحِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْقِرَاضِ هَذَا كَمَنْ نَذَرَ لِمَسَاكِينَ مَالًا أَوْ جَعَلَ ذَلِكَ فِي يَمِينٍ وَيَعْنِي إذَا كَانُوا غَيْرَ مُعَيَّنِينَ وَأَمَّا لَوْ كَانُوا مُعَيَّنِينَ لَقُضِيَ اهـ.
وَمِثْلُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ كِتَابِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِلرَّجُلِ لَك نِصْفُ مَا أَرْبَحُ فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَلَهُ طَلَبُهُ بِذَلِكَ مَا لَمْ يُفْلِسْ أَوْ يَمُتْ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي كِتَابِ الْقِرَاضِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إنْ لَمْ يَشْغَلْ الْعَامِلَ الْمَالُ حَتَّى نَهَاهُ رَبُّهُ عَنْ الْعَمَلِ فَتَعَدَّى فَتَجَرَ فِيهِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ وَالرِّبْحُ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ اشْتَرَى لِلْقِرَاضِ فَالرِّبْحُ لِلْقِرَاضِ، وَلَا يَدْفَعُ ذَلِكَ عَنْهُ حُكْمَ الضَّمَانِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ الْتَزَمَ لِرَبِّ الْمَالِ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقَالَ لَمْ يَلْتَزِمْ الْعَامِلُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى شَرْطِ عَدَمِ الضَّمَانِ. قُلْت: وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ فِي مَسْأَلَةِ الْقِرَاضِ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ.
(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْأَقْضِيَةِ فِي أَخٍ الْتَزَمَ لِأَخِيهِ وَأُخْتِهِ مِثْلَ مَا الْتَزَمَ لَهُمَا أَخٌ رَابِعٌ فِي قَطْعِ دَعْوَاهُ عَنْهُمَا مِنْ مِيرَاثٍ بَيْنَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ الرَّابِعُ بَيَّنَ لِلْأَخِ جَمِيعَ مَا الْتَزَمَهُ فَلَمَّا عَلِمَ بِذَلِكَ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إلَّا أَشْيَاءَ مُعَيَّنَةً لَا غَيْرُ فَأَفْتَى ابْنُ أَبِي عِيسَى وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا نَصَّ وَفَسَّرَ، وَقَالَ ابْنُ خَلَفٍ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ أَخُوهُ اهـ.
قُلْت إنْ كَانَ الْأَخُ الْمُلْتَزِمُ أَوَّلًا ذَكَرَ لِأَخِيهِ بَعْضَ أَشْيَاءَ مِمَّا الْتَزَمَهُ وَأَفْهَمَهُ أَنَّ ذَلِكَ جَمِيعُ مَا الْتَزَمَ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُلْتَزِمَ ثَانِيًا إلَّا مَا بَيَّنَ لَهُ، وَكَذَا إنْ دَلَّ سِيَاقُ الْكَلَامِ وَالْبِسَاطِ عَلَى الْتِزَامِ أَشْيَاءَ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ ذَكَرُوا لَهُ أَشْيَاءَ أَجْنَبِيَّةً مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ خَلَفٍ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ مَا الْتَزَمَهُ أَخُوهُ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ احْلِفْ وَيَمِينِي مِثْلُ يَمِينِك فَحَلَفَ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ فَأَنْكَرَ]
(فَرْعٌ) وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا مَا وَقَعَ فِي رَسْمِ سن مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ قَالَ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ احْلِفْ وَيَمِينِي مِثْلُ يَمِينِك فَحَلَفَ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ إذَا أَنْكَرَهُ مَكَانَهُ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ صَمَتَ لَزِمَهُ ذَلِكَ الْيَمِينُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ إنَّ ذَلِكَ لَهُ إذَا أَنْكَرَهُ مَكَانَهُ مَعْنَاهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا ذَلِكَ عَلَى مَا فِي رَسْمِ سَلَفٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَعَلَى مَا حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَهَذَا أَيْضًا إذَا كَانَتْ لِلْحَالِفِ زَوْجَةٌ إنْ كَانَ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ، أَوْ عَبِيدٌ إنْ كَانَ حَلَفَ بِالْعِتْقِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute