وَإِنْ كُنْتُ لَا أُسَوِّغُ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ إلَّا مَعَ حُصُولِ الْعِلْمِ الْيَقِينِيِّ بِذَلِكَ عِنْدَهُ فَلَا أُسَوِّغُ لَهُ أَنْ يَسُوقَ اللَّفْظَ إلَّا عَلَى النَّفْيِ لِلْعِلْمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يَقُولُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ لَمْ يَبِعْهُ وَلَا فَوَّتَهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَلَا مَالَ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَمْكَنَ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ مَعَ غَلَبَةِ الظَّنِّ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْقُضَاةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَإِنْ نَصَّ الشَّاهِدُ عَلَى الْبَتِّ وَالْقَطْعِ فِي شَهَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَلَا يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا فَإِنْ سَقَطَ هَذَا الْفَصْلُ مِنْ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ فَفِي إعْمَالِ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى تَرْكَ إعْمَالِهَا مَعَ بَقَاءِ الشُّهُودِ وَحِيَازَتِهِمْ وَإِعْمَالَهَا عِنْدَ فَقْدِهِمْ وَعَدَمَ السَّبِيلِ عَنْ اسْتِفْسَارِهِمْ قَالَ، وَإِنْ كَانُوا حُضُورًا فَلَمْ يَزِيدُوا شَيْئًا وَلَا فَسَّرُوا فَلَا يَجِبُ إعْمَالُ شَهَادَتِهِمْ وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعَطَّارِ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ سَهْلٍ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الشُّهُودِ بِالْمِلْكِ عَلَى الْبَتِّ.
وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَهُوَ مِنْ بَابِ كَمَالِ الشَّهَادَةِ وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ وَيُسْأَلَ عَنْهُ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَزِيدَهُ فِي شَهَادَتِهِ بَطَلَتْ، وَلَمْ يَصِحَّ الْحُكْمُ بِهَا، وَإِنْ قَضَى الْقَاضِي عَلَى تَوْقِيفِ الشُّهُودِ عَلَى ذَلِكَ وَسُؤَالِهِمْ عَنْهُ حَتَّى مَاتُوا أَوْ غَابُوا حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ إذْ لَا يَصِحُّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِمَعْرِفَةِ الْمِلْكِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ مَعَ الشَّهَادَةِ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ وَلَا فَوَّتَ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِذَا قَالَ فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ لِلْمَوْرُوثِ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَرَثَةٌ مِنْ وَرَثَتِهِ الْمُحِيطُونَ بِمِيرَاثِهِ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَوْ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَأَحَاطَ بِمِيرَاثِهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَوْ أَحَاطَ فِي وِرَاثَةِ مَا تَخَلَّفَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ سَوَاءٌ وَمِنْ تَمَامِ الْعَقْدِ تَوَصُّلُ مِلْكِ الْوَرَثَةِ إلَى حِينِ شَهَادَتِهِمْ بِأَنْ يَقُولُوا لَا يَعْلَمُونَ مِلْكَ أَحَدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ زَالَ عَنْ ذَلِكَ إلَى حِينِ شَهَادَتِهِمْ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ شُهُودُ الْمِلْكِ الْوَرَثَةَ فَيَكْتُبُ فِي الْعَقْدِ وَيَعْلَمُونَ مَالًا لِفُلَانٍ إلَى أَنْ مَاتَ فَقَطْ أَوْ إلَى أَنْ مَاتَ وَأُورِثَهُ مَنْ وَجَبَ لَهُ مِيرَاثُهُ وَلَا يُقَالُ وَأُورِثَ ذَلِكَ وَرَثَتُهُ الْمَذْكُورِينَ فِي غَيْرِ هَذَا فَإِنَّهُ تَنَاقُضٌ قَالَهُ ابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ مَالِكٍ قَالَا وَهِيَ شَهَادَةٌ تَامَّةٌ عَامِلَةٌ مُوجِبَةٌ لِلْحُكْمِ وَيَشْهَدُ بِالْوَرَثَةِ آخَرُونَ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ سَهْلٍ وَإِذَا ثَبَتَ الْعَقْدُ.
فَإِنْ اتَّفَقَ الْخَصْمَانِ عَلَى حُدُودِ الْمِلْكِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ، وَلَمْ يَخْتَلِفَا فِي ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْحِيَازَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي حَدَّيْنِ مِنْهَا فَأَكْثَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحِيَازَةِ يَتَوَجَّهُ الشُّهُودُ الْمَقْبُولُونَ فِي الْعَقْدِ مَعَ شَاهِدَيْنِ مَقْبُولَيْنِ يُوَجِّهُهُمَا الْقَاضِي مَعَهُمْ لِتَعْيِينِ الْمَشْهُودِ فِيهِ ثُمَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَلَا تَعْمَلُ الْحِيَازَةُ حَتَّى يَقُولَ الشُّهُودُ بِمَحْضَرِ الْحَائِزِينَ هَذَا الَّذِي حُزْنَاهُ عَلَيْكُمْ وَعَيَّنَّاهُ لَكُمْ هُوَ الَّذِي شَهِدْنَا فِيهِ عِنْدَ قَاضِي مَوْضِعِ كَذَا فَإِنْ لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ كَانَ جَهْلًا مِنْهُمْ وَمِنْ الْمُوَجِّهِينَ إلَى الْحِيَازَةِ وَلَا تَتِمُّ الْحِيَازَةُ وَلَا الشَّهَادَةُ حَتَّى يَقُولُوا ذَلِكَ فَإِذَا ثَبَتَتْ الْحِيَازَةُ أُعْذِرَ لِلَّذِي الْمِلْكُ بِيَدِهِ فِي شُهُودِ الْأَصْلِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِي شُهُودِ الْحِيَازَةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا إعْذَارَ فِي شُهُودِ الْحِيَازَةِ؛ لِأَنَّهُمَا نَائِبَانِ عَنْ الْقَاضِي، وَإِنْ وَجَّهَ شَاهِدًا وَاحِدًا لِذَلِكَ أَجْزَأَ وَالِاثْنَانِ أَوْلَى وَلَا يَمِينَ عَلَى مُسْتَحِقِّ الْأَصْلِ إلَّا أَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ خَصْمُهُ مَا يُوجِبُهَا وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ كَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ فَإِنْ ادَّعَى مِدْفَعًا أَجَّلَهُ ثُمَّ قَالَ وَيَلْزَمُ الْقَائِمُ بِالْعَقْدِ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الشُّهُودَ وَيُعَرِّفَهُ بِهِمْ إنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ وَيَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ اعْتِقَالِ الْمِلْكِ الْمَشْهُودِ فِيهِ فَإِنْ كَانَتْ دَارًا فَبِالْقُفْلِ عَلَيْهَا.
وَإِنْ كَانَتْ أَرْضًا فَبِالْمَنْعِ مِنْ حَرْثِهَا فَإِنْ كَانَ فِي الْمِلْكِ غَلَّةٌ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِهَا لِلْقَائِمِ يَوْمَ الْحُكْمِ لَهُ بِالْأَصْلِ وَقِيلَ يَوْمَ ثُبُوتِهِ وَقِيلَ يَوْمَ تَوْقِيفِهِ فَإِنْ كَانَتْ أَرْضًا مُزْدَرَعَةً فَإِنْ كَانَ إبَّانَ الزِّرَاعَةِ بَاقِيًا فَالْكِرَاءُ لِلْمُسْتَحِقِّ يُؤَدِّيهِ لَهُ الزَّارِعُ، وَإِنْ كَانَ الْإِبَّانُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute