للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّارِعِ وَقَدْ وَجَبَ لَهُ زَرْعُهُ دُونَ كِرَاءٍ، وَإِنْ كَانَتْ ثَمَرَةٌ فَهِيَ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ إنْ كَانَتْ قَدْ طَابَتْ وَقِيلَ إنْ كَانَتْ يَبِسَتْ وَقِيلَ إنْ كَانَ قَطَعَهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَدْ طَابَتْ فَهِيَ لِلْمُسْتَحِقِّ بِاتِّفَاقٍ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا سَقَى وَعَالَجَ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهَا بَعْدَ الْإِبَّانِ فَإِنَّ الثَّمَرَةَ تَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا وَقَالَ أَشْهَبُ هِيَ لَهُ مَا لَمْ تُجَذَّ وَتَكَلَّمَ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ اُخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الَّذِي يَدْخُلُ بِهِ الشَّيْءُ الْمُسْتَحَقُّ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَحِقِّ وَتَكُونُ الْغَلَّةُ لَهُ وَيَجِبُ التَّوْقِيفُ بِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ وَلَا تَجِبُ الْغَلَّةُ لَهُ حَتَّى يُقْضَى لَهُ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَاَلَّذِي يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ فِي نَوَازِلِهِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَجِبُ تَوْقِيفُ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقَّةِ تَوْقِيفًا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَلَا تَوْقِيفُ غَلَّتِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الرِّبَاعَ لَا تُوقَفُ مِثْلُ مَا يَحُولُ وَيَزُولُ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِيهَا.

وَالثَّانِي أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ وَتَكُونُ لَهُ الْغَلَّةُ وَيَجِبُ تَوْقِيفُهُ وَقْفًا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إذَا ثَبَتَ لَهُ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي مُوَطَّئِهِ وَقَوْلِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ وَتَجِبُ لَهُ الْغَلَّةُ وَالتَّوْقِيفُ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ وَهِيَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ الْعَرِيَّةِ مِنْ سَمَاعِهِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ وَالنَّفَقَةِ أَيْضًا وَالْقِيَاسُ فِيهَا أَنْ تُجْرَى عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِلْمُقْضَى عَلَيْهِ الرُّجُوعُ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الْمُقْضَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ عَلَى مَا ضَمَانُهُ وَغَلَّتُهُ لَهُ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَجِبُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ بِشَاهِدَيْنِ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ وَكَوْنِ الْغَلَّةِ لَهُ مِنْ حِينَئِذٍ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ يَجِبُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ مُنْذُ وَقَفَ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ وَكَوْنِ الْغَلَّةِ لَهُ مِنْ حِينَئِذٍ.

وَقَدْ فَرَّقَ فِي رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ النَّفَقَةِ وَالضَّمَانِ وَالْغَلَّةِ فَقَالَ إنَّ النَّفَقَةَ مِمَّنْ تَصِيرُ إلَيْهِ وَالْغَلَّةُ لِلَّتِي هِيَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ التَّفْرِقَةُ وَالصَّوَابُ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَأَنْ يَكُونَا جَمِيعًا تَابِعَيْنِ لِلضَّمَانِ إمَّا مِنْ يَوْمِ وُجُوبِ التَّوْقِيفِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ أَوْ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ فَإِنْ ذَهَبَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمِلْكُ إلَى إثْبَاتِهِ اعْتِمَارِهِ فَيَكْتُبُ فِي ذَلِكَ عَقْدًا يُعَرِّفُ شُهُودَهُ فَلَا وَيَعْلَمُونَهُ يَعْتَمِرُ الْمِلْك الْمَحْدُودُ بِكَذَا وَيَسْتَغِلُّهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ ذِي الْمِلْكِ فِي مِلْكِهِ مُنْذُ أَزْيَدَ مِنْ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ تَقَدَّمَتْ التَّارِيخَ حَتَّى الْآنَ وَفُلَانٌ الْقَائِمُ عَلَيْهِ الْآنَ فِيهِ الْمَعْرُوفُ عِنْدَهُمْ حَاضِرٌ عَالِمٌ بِذَلِكَ سَاكِتٌ لَا يُغِيرُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَرِضُهُ وَلَا يُنَازِعُهُ فِي ذَلِكَ بِطُولِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ تَارِكٌ لِلْقِيَامِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يَعْلَمُونَهُ لَهُ فِي ذَلِكَ إلَى أَنْ اتَّصَلَ بِهِمْ أَنَّهُ قَامَ عَلَيْهِ فِيهِ مُنْذُ كَذَا يَتَحَقَّقُونَ ذَلِكَ وَلَا يَشُكُّونَ فِيهِ وَيُجَوِّزُونَ الْمَوْضِعَ مَتَى دُعُوا إلَى ذَلِكَ وَقَيَّدُوا عَلَى ذَلِكَ شَهَادَتِهِمْ فِي كَذَا فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا حَازَهُ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ إذَا ثَبَتَ هَذَا الْعَقْدُ فِي الِاعْتِمَارِ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْقَائِمِ فِيهِ مِدْفَعٌ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ لَهُ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ عَقْدِ الْمِلْكِ وَيَبْقَى الْمَوْضِعُ لِلَّذِي كَانَ بِيَدِهِ وَيَحْكُمُ لَهُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدَعْ فِيهِ بَيْعًا وَلَا غَيْرَهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لِلْقَائِمِ الْمَذْكُورِ فِيهِ حَقًّا وَلَا يُكَلَّفُ بِأَنْ يُقَالَ بِأَيِّ شَيْءٍ صَارَ ذَلِكَ لَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ الْمِلْكُ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَتْ لَهُ.

وَإِنْ قَالَ إنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ كُلِّفَ إثْبَاتُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ الِاعْتِمَارِ وَعَلَى الْقَائِمِ الْيَمِينُ وَفِي كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ قَالَ الْمُشَاوِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>