عَنْهُمَا فَالْحَقُّ مَا أَفْتَى بِهِ الثَّانِي قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ الْأَمِيرُ فِي شَرْحِ مَجْمُوعِهِ فِي مَبْحَثِ عِدَّةِ الْحَامِلِ مَا نَصُّهُ: أَمَّا الزِّنَا فَوَضْعُهُ اسْتِبْرَاؤُهُ قَطْعًا اهـ.
وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي مَبْحَثِ التَّدَاخُلِ: وَالْحَمْلُ مِنْ فَاسِدٍ يُخْرِجُهَا مِنْ اسْتِبْرَائِهِ اهـ.
وَقَالَ أَبُو الضِّيَاءِ، وَشَارِحُهُ شَمْسُ الدِّينِ التَّتَّائِيُّ فِي مَبْحَثِ الِاسْتِبْرَاءِ: وَاسْتِبْرَاءُ الْحَامِلِ بِالْوَضْعِ لِحَمْلِهَا كُلِّهِ، وَإِنْ دَمًا اجْتَمَعَ كَالْعِدَّةِ فَلَا يَكْفِي بَعْضُهُ ثُمَّ قَالَ التَّتَّائِيُّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَامِلٍ مِنْ زِنًا وَغَيْرِهِ اهـ.
وَنَحْوُهُ لِلْعَلَّامَةِ الْحَطَّابِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ، وَإِنْ كَانَ سَوْقُهُ فِي الْأَمَةِ، وَقَالَ أَبُو الضِّيَاءِ فِي التَّدَاخُلِ: وَهَدْمُ وَضْعِ حَمْلِ الْحَقِّ بِفَاسِدٍ أَثَرُهُ، وَلَفْظُهُ عَامٌّ، وَإِنْ كَانَ سَوْقُهُ فِي مُعْتَدَّةٍ، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ، وَطَلَّقَهَا، وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ مَاتَ عَنْهَا كَذَلِكَ، وَوُجِدَتْ شُبْهَةٌ تُلْحِقُ الْوَلَدَ بِالزَّوْجِ بِحَيْثُ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِلِعَانٍ فَالْحَقُّ مَا أَفْتَى بِهِ الثَّانِي أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الشُّبْهَةُ بِحَيْثُ يَنْتَفِي عَنْهُ بِغَيْرِهِ لِنَحْوِ صِبَا الزَّوْجِ وَجَبِّهِ فَالْحَقُّ مَا أَفْتَى بِهِ الْأَوَّلُ فِي خُصُوصِ الطَّلَاقِ أَمَّا فِي الْوَفَاةِ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ الْأَمْرَيْنِ: الْأَشْهُرُ وَالْوَضْعُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ أَحَدِهِمَا قَالَ الْحَطَّابُ: تَنْبِيهٌ: إنَّمَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ إذَا كَانَ لَاحِقًا بِأَبِيهِ. قَالَ فِي كِتَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ، وَهُوَ يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ فَظَهَرَ بِامْرَأَتِهِ حَمْلٌ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ، وَتَحِدُّ الْمَرْأَةُ، وَإِنْ مَاتَ هَذَا الصَّبِيُّ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا مِنْ الْوَفَاةِ بِوَضْعِ حَمْلِهَا، وَعَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ مِنْ يَوْمِ مَاتَ، وَإِنَّمَا الْحَمْلُ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ الْحَمْلُ الَّذِي يُثْبِتُ نَسَبَهُ مِنْ أَبِيهِ خَلَا الْمُلَاعَنَةِ خَاصَّةً فَإِنَّهَا تَحِلُّ بِالْوَضْعِ، وَأَنْ يَلْحَقَ بِالزَّوْجِ، وَإِنْ مَاتَ زَوْجُهَا، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الشَّامِلِ فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ زِنًا، وَكَانَ الْمَيِّتُ صَغِيرًا لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ أَوْ مَجْبُوبًا أَوْ وَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ تَنْقَضِ بِهِ، وَلَا يَلْحَقُ انْتَهَى.
وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلٍ إنْ طَرَأَ مُوجِبٌ وَهَدَمَ وَضْعِ حَمْلٍ أُلْحِقَ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ غَيْرُهُ وَبِفَاسِدٍ أَثَرُهُ، وَأَثَرُ الطَّلَاقِ لَا الْوَفَاةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُ الْحَطَّابِ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَشَرْحِهِ فِي الْعِدَّةِ: وَعِدَّةُ الْحَامِلِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ وَضْعُ حَمْلِهَا إلَّا أَنْ يَنْتَفِيَ عَنْهُ بِلَا لِعَانٍ فَالْأَبْعَدُ مِنْهُ وَمِنْ عِدَّةِ غَيْرِهَا طَلَاقًا وَوَفَاةً ثُمَّ فِي الْأَوَّلِ تَحْسِبُ النِّفَاسَ قُرْءًا انْتَهَى. وَفِي التَّدَاخُلِ وَالْحَمْلُ مِنْ وَطْءٍ فَاسِدٍ يُخْرِجُهَا مِنْ اسْتِبْرَائِهِ، وَعِدَّةُ الطَّلَاقِ حَيْثُ الشُّبْهَةُ إمَّا مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ فَيُحْسَبُ قُرْءًا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَعَلَيْهَا فِي الْوَفَاةِ الْأَقْصَى انْتَهَى هَذَا
وَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ أَخْطَأَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ الِاعْتِرَافُ بِالْخَطَأِ وَالرُّجُوعُ لِلْحَقِّ، وَذَلِكَ عَيْنُ الْكَمَالِ:
وَمَا سُمِّيَ الْإِنْسَانُ إلَّا لِنَسْيِهِ ... وَلَا الْقَلْبُ إلَّا أَنَّهُ يَتَقَلَّبُ
إنَّمَا الْعَارُ دُنْيَا وَأُخْرَى فِي الْإِصْرَارِ عَلَى الْخَطَأِ بَعْدَ ظُهُورِهِ وَغَمْصُ الْحَقِّ وَرَدُّهُ، وَعَلَى مَنْ أَصَابَ مِنْهُمَا عَدَمُ التَّبَجُّحِ وَالدَّعْوَى، وَبَذَاءَةُ اللِّسَانِ الْمُؤَدِّيَةُ لِلتَّفَاقُمِ، وَلْيُجَادِلْ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَالْكَلَامِ اللِّينِ قَالَ تَعَالَى {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥] .
وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُبْطِلٌ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ تَرَكَهُ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي وَسَطِهَا، وَمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي أَعْلَاهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ.
وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ لِيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إلَيْهِ فَهُوَ فِي النَّارِ» .
وَقَالَ سَيِّدِي أَحْمَدْ زَرُّوقٌ: وَإِيَّاكُمْ وَالدَّعْوَى فِي الْعِلْمِ أَوْ يَقُولُ أَحَدُكُمْ أَنَا عَالِمٌ، وَأَنَا خَيْرٌ مِنْك، وَأَنَا قَارِئٌ، فَإِنَّهُ قَدْ هَلَكَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ ثَلَاثَةٌ: أَوَّلُ مَرَّةٍ قَالَهَا إبْلِيسُ