فِي حَقٍّ وَاجِبٍ عَلَيْهِ تَحْتَ الضَّغْطِ وَالْإِكْرَاهِ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ سَائِغٌ لِمَنْ اشْتَرَاهُ، وَسَبِيلُ الْمَضْغُوطِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى بَيْعِ حَقِّهِ سَبِيلُ الذِّمِّيِّ فِي رَدِّ مَالِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ بَلْ هُوَ فِي الْمُسْلِمِ أَشَدُّ وَأَعْظَمُ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَحَكَاهُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ، وَمُطَرِّفٍ، وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَأَصْبَغُ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَضْغُوطٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطَةِ، وَسَوَاءٌ وَصَلَ الثَّمَنُ مِنْ الْمُبْتَاعِ إلَى الْمَضْغُوطِ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ دَفَعَهُ لِلضَّاغِطِ أَوْ جَهِلَ هَلْ دَفَعَهُ لَهُ أَوْ أَدْخَلَهُ فِي مَنَافِعِهِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَدْخَلَهُ فِي مَنَافِعِهِ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا فِي نَوَازِلِهِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي بَيْعِ الْمَضْغُوطِ بِغَيْرِ حَقٍّ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَاَلَّذِي أَقُولُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْقُلُهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ، وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا بَاعَ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ غُرْمِ الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُبْتَاعُ عَالِمًا بِضَغْطِهِ فَيَتْبَعُ الضَّاغِطَ بِالثَّمَنِ، وَيَرُدُّ عَلَى الْمَضْغُوطِ مَالَهُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ فَالْجَوَابُ عِنْدِي أَنْ يُقْضَى لِلْقَائِمِ بِالدَّارِ الَّتِي قَامَ بِهَا، وَيَرُدَّ الثَّمَنَ الَّذِي قَبَضَ فِيهَا إلَّا أَنْ يُثْبِتَ عَلَى الْمُقَوِّمِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْمُبْتَاعِ لَهُمَا الْعِلْمَ بِحَالِ الْبَائِعِ مِنْ الضَّغْطِ وَالْإِكْرَاهِ فَتُرَدُّ عَلَيْهِ الدَّارُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ، وَيَتْبَعُ بِالثَّمَنِ الضَّاغِطَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي ابْتَاعَ لَهُمَا هُوَ الْعَالِمُ بِالضَّغْطِ دُونَهُمَا فَيَكُونُ لَهُمَا الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَتْلَفَهُ عَلَيْهِمَا بِتَعَدِّيهِ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَسْتَفْسِرَ الشُّهُودُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْوُجُوهِ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الِانْتِبَاهِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَشَهَادَتُهُمْ جَائِزَةٌ فِي ذَلِكَ عَامِلَةٌ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي الْمَضْغُوطِ، وَالسِّجْنُ بِمُجَرَّدِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ إكْرَاهٌ، انْتَهَى. فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ أَقْوَاهَا سَنَدُ الْأَوَّلِ فَلِذَا أَفْتَيْت بِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ طَلَبَهُ شَيْخُ الْبَلَدِ لِأَخْذِ مَالٍ لِلدِّيوَانِ فَامْتَنَعَ لِعَدَمِهِ، وَلَهُ ثُلُثُ نَوْرَجٍ فَبَيَّعَهُ نِصْفَهُ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ الْبَائِعُ فَهَلْ لِلْوَرَثَةِ رَدُّ الْبَيْعِ لِكَوْنِهِ فِي نَصِيبِهِ مَجْبُورًا، وَفِي غَيْرِهِ فُضُولِيًّا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الرَّدِّ، وَلَمْ تُوجَدْ بَيِّنَةٌ وَلَا وَثِيقَةٌ لِلْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ بَاطِلًا أَوْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ كَانَ الْمَالُ الْمَطْلُوبُ لِلدِّيوَانِ خَرَاجَ الْأَرْضِ الْحَقَّ فَالْبَيْعُ مَاضٍ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ رَدُّهُ لِأَنَّ الْجَبْرَ حِينَئِذٍ شَرْعِيٌّ، وَإِلَّا فَلَهُمْ رَدُّهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا فِي الثُّلُثِ الَّذِي كَانَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ، وَأَمَّا السُّدُسُ الَّذِي فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَهُ رَدُّ بَيْعِهِ مُطْلَقًا مَا لَمْ تَمْضِ سَنَةٌ.
وَفِي مَسَائِلِ ابْنِ الْحَاجِّ فِي امْرَأَةٍ بِيعَتْ عَلَيْهَا مَمْلُوكَةٍ تَحْتَ الْإِكْرَاهِ وَالضَّغْطِ فِي مَالٍ الْتَزَمَتْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَامَ وَرَثَتُهَا فِيهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا فَأَثْبَتَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الِابْتِيَاعَ كَانَ صَحِيحًا بَعْدَ الْإِكْرَاهِ بِنَحْوِ شَهْرَيْنِ، وَاسْتَفْتَى الْقَاضِي إذَا ذَاكَ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَأَفْتَوْهُ بِأَنَّ بَيِّنَةَ الْإِكْرَاهِ أَعْمَلُ، وَأَنَّهُ يَجِبُ صَرْفُ الْمَمْلُوكِ عَلَى وَرَثَتِهَا، وَأَفْتَى فِيهَا أَصْبَغُ بْنُ مُحَمَّدٍ بِذَلِكَ قَائِلًا، وَلَا كَلَامَ فِي ذَلِكَ لِلْمُبْتَاعِ، وَلَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ لَوَجَبَ أَنْ يَحْكُمَ الْآنَ بِذَلِكَ، وَقَالَ مِثْلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْحَاجِّ قَالَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ قَالَ: وَأَمَّا إذَا بَلَغَهُ عَنْ مَالِهِ أَنَّهُ بِيعَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَقُمْ بِحِدْثَانِ ذَلِكَ، وَلَمْ يُغَيِّرْ وَلَمْ يُشْهِدْ عُدُولًا عَلَى الْإِنْكَارِ لِذَلِكَ الْفِعْلِ فَذَلِكَ رِضًا بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ، وَسُئِلَ ابْنُ زَرِبٍ عَمَّنْ بِيعَ عَلَيْهِ مَالُهُ، وَهُوَ غَائِبٌ ثُمَّ عَلِمَ بِالْبَيْعِ، وَسَكَتَ سَنَةً وَسَنَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ فِيهِ فَقَالَ الْقِيَامُ لَهُ فِيهِ وَاجِبٌ، وَلَيْسَ كَمَنْ بِيعَ عَلَيْهِ، وَهُوَ حَاضِرٌ فَهَذَا لَيْسَ لَهُ غَيْرُ الثَّمَنِ وَالْبَيْعُ لَازِمٌ لَهُ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَحْضُرْ الْبَيْعَ إذَا عَلِمَ، وَسَكَتَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ مَا قَارَبَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ الْقِيَامَ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ مَا لَمْ تَكْثُرْ الْأَيَّامُ فَيَلْزَمُهُ قَالَ ابْنُ زَرِبٍ إذَا بِيعَ عَلَيْهِ مَالُهُ، وَلَمْ يَحْضُرْ الْبَيْعَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ فَسْخٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute