للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ أَخْذِ ثَمَنِهِ، وَلَا يَضُرُّهُ سُكُوتُهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ أَرَدْت أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهِ، وَأُشَاوِرُ نَفْسِي، وَإِذَا بِيعَ بِمَحْضَرِهِ وَسَكَتَ فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ لِأَنَّ سُكُوتَهُ رِضًا مِنْهُ بِالثَّمَنِ انْتَهَى مِنْ ابْنِ سَلْمُونٍ، وَفِي الْمَجْمُوعِ: وَمَنْ تَصَرُّفٍ بَعِيدًا كَانَ أَوْ قَرِيبًا ابْنًا أَوْ غَيْرَهُ بِكَبَيْعِ وَهِبَةٍ وَوَطْءٍ وَكِتَابَةٍ فَإِنَّ هَذِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا طُولُ زَمَنٍ عَلَى الْمُعَوَّلِ عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ السَّاكِتِ مَضَى، وَلَهُ الثَّمَنُ فِي الْبَيْعِ مَا لَمْ تَمْضِ سَنَةٌ، وَالْغَائِبُ لَهُ الرَّدُّ مَا لَمْ تَمْضِ فَالثَّمَنُ مَا لَمْ يَطُلْ بِالْحَوْزِ انْتَهَى.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ أَنَّ الْحِيَازَةَ تَكُونُ بَيْنَ أَهْلِ الْمِيرَاثِ بِالتَّفْوِيتِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْوَطْءِ الَّذِي لَا يَصِحُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَفْعَلَهُ إلَّا فِيمَا خَلَصَ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ، وَهُوَ أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَيَفْتَرِقُ الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ إذْ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ فَوَّتَ بِذَلِكَ كُلِّهِ الْكُلَّ أَوْ الْأَكْثَرَ أَوْ الْأَقَلَّ أَوْ النِّصْفَ، وَمَا قَارَبَهُ فَأَمَّا إذَا فَوَّتَ الْكُلَّ بِالْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ الْمَحُوزُ عَلَيْهِ حَاضِرًا لِلصَّفْقَةِ فَسَكَتَ حَتَّى انْقَضَى الْمَجْلِسُ لَزِمَهُ الْبَيْعُ فِي حِصَّتِهِ، وَكَانَ لَهُ الثَّمَنُ، وَإِنْ سَكَتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ حَتَّى مَضَى الْعَامُ، وَنَحْوُهُ اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بِالْحِيَازَةِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ بِالْوَجْهِ الَّذِي يَذْكُرُهُ مِنْ ابْتِيَاعٍ أَوْ مُقَاسَمَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ فَقَامَ حِينَ عَلِمَ أَخَذَ حَقَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ إلَّا بَعْدَ الْعَامِ، وَنَحْوِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَاسْتَحَقَّهُ الْحَائِزُ بِمَا ادَّعَاهُ بِدَلِيلِ حِيَازَتِهِ إيَّاهُ، وَأَمَّا إذَا فَوَّتَهُ بِالْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ التَّدْبِيرِ أَوْ الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فَسَكَتَ حَتَّى انْقَضَى الْمَجْلِسُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَقَامَ حِينَ عَلِمَ كَانَ عَلَى حَقِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ إلَّا بَعْدَ الْعَامِ، وَنَحْوِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْحَائِزِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ هُوَ شَيْءٌ، وَأَمَّا إذَا فَوَّتَهُ بِالْكِتَابَةِ فَيَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِيهَا هَلْ تُحْمَلُ مَحْمَلَ الْبَيْعِ أَوْ الْعِتْقِ، وَكَذَا إذَا حَازَ الْكُلَّ بِالْوَطْءِ وَالِاتِّخَاذِ بِعِلْمِ الْمَحُوزِ عَلَيْهِ مِنْ الْوَرَثَةِ فَهِيَ حِيَازَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ كَلَامِهِ فَانْظُرْهُ اهـ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ بِنْتَيْنِ وَأَخَاهُ، وَتَرَكَ نَخِيلًا فَبَاعَهُ أَخُوهُ مَعَ وُجُودِ الْبِنْتَيْنِ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ، وَمَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ الْبَيْعِ نَحْوُ ثَمَانِ سَنَوَاتٍ ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ الْمَذْكُورُ فَقَامَتْ الْبِنْتَانِ تُرِيدَانِ أَخْذَ النَّخِيلِ وَتَدَّعِيَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَعْلَمَا أَنَّ هَذَا النَّخِيلَ لِوَالِدِهِمَا فَهَلْ لَا تُصَدَّقَانِ فِي ذَلِكَ، وَيَكُونُ النَّخِيلُ لِلْمُشْتَرِي، وَيُحْمَلَانِ عَلَى الْعِلْمِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ؛ إذَا ثَبَتَ أَنَّ النَّخِيلَ الْمَبِيعَ كَانَ لِوَالِدِهِمَا، وَحَلَفَتَا بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّهُمَا لَمْ يَعْلَمَا بِذَلِكَ إلَّا الْآنَ أَوْ قَبْلَهُ بِأَقَلَّ مِنْ عَامٍ فَلَهُمَا رَدُّ الْبَيْعِ فِي حِصَّتِهِمَا، وَهِيَ الثُّلُثَانِ، وَلَا يَمْنَعُهُمَا مِنْهُ سُكُوتُهُمَا الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ لِعُذْرِهِمَا بِعَدَمِ الْعِلْمِ، وَلَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعِلْمِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ بَلْ عَلَى عَدَمِهِ إنْ حَلَفَتَا، وَإِلَّا حُمِلَتَا عَلَى الْعِلْمِ، وَكَانَتْ النَّخِيلُ لِلْمُشْتَرِي قَالَ فِي مَسَائِلِ ابْنِ الْحَاجِّ إذَا قَامَ الرَّجُلُ بِعَقْدِ ابْتِيَاعٍ مِنْ الْمُقَوَّمِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ أَبِيهِ قَبْلَهُ، وَتَارِيخُ الِابْتِيَاعِ قَبْلَ الْقِيَامِ بِعِشْرِينَ عَامًا فِي أَمْلَاكٍ بِيَدِ رَجُلٍ، وَتَصَيَّرَتْ إلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ فَقَالَ الْمُقَوَّمُ عَلَيْهِ لِي عِشْرُونَ سَنَةً أَتَمَلَّكُ هَذِهِ الْأَمْلَاكَ، وَأَنْتَ حَاضِرٌ، وَلَمْ تَقُمْ فَقَالَ لَمْ أَجِدْ وَثِيقَةَ ابْتِيَاعٍ إلَّا الْآنَ فَالْوَاجِبُ أَنْ لَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْحِيَازَةِ فَيَسْقُطُ حَقُّ الْقَائِمِ بِذَلِكَ، وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْقَائِمُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا تَرَكْت الْقِيَامَ فِي الْأَمْلَاكِ تَسْلِيمًا مِنِّي لَهَا، وَلَا رِضًا بِتَرْكِ حَقِّي فِيهَا إلَّا لِأَنِّي لَمْ أَعْلَمْ بِالْعَقْدِ وَلَمْ أَجِدْهُ، وَيَأْخُذُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>