الْمَذْكُورِ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ، وَادَّعَى عُذْرًا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَشَهَادَةُ الرَّجُلِ لِأَخِي زَوْجَتِهِ تُقْبَلُ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ لَكِنْ لَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ أَبْطَلَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَلَيْسَ لِلْمُلْتَزِمِ فِي الِاسْتِحْسَانِ، وَعُمُومُ الْمَصْلَحَةِ نَزْعُ الطِّينِ الَّذِي بِيَدِ أَرْبَابِهِ، وَإِعْطَاؤُهُ لِغَيْرِهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْحِيَازَةِ إذَا لَمْ يَدَّعِ الْقَائِمُ إسْكَانَ الْحَائِزِ أَوْ رَهْنَهُ كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَشُرَّاحِهِ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَصَرِ: وَإِنْ حَازَ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ، وَتَصَرَّفَ ثُمَّ ادَّعَى حَاضِرٌ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ عَشْرَ سِنِينَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَلَا بَيِّنَتُهُ إلَّا بِإِسْكَانٍ، وَنَحْوِهِ الْخَرَشِيُّ أَيْ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِإِسْكَانٍ مِنْهُ لِلْحَائِزِ أَوْ إعْمَارِ أَوْ إرْفَاقٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ أَوْ مُزَارَعَةٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُفَوِّتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَبَيِّنَتُهُ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْحَائِزِ بِحَضْرَةِ الْمُدَّعِي مَا لَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ، وَلَمْ يُنَازِعْهُ فِي ذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّبْصِرَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ انْتَهَى فَحَيْثُ ادَّعَى الْقَائِمُ الشِّرَاءَ وَالرَّهْنِيَّةَ عِنْدَ الْمَيِّتِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَتُطْلَبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَأَقَرَّ لَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ بِشُرُوطِهِ، وَاسْتَحَقَّ الْقَائِمُ نَصِيبَهُ الثَّانِي قَوْلُهُ، وَيَنْتَقِلُ حَقُّهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ السَّمَاعِ دَعْوَى الْقَائِمِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مَسْمُوعَةٌ فَصَوَابُهُ وَيَنْتَقِلُ حَقُّهُ لِلْقَائِمِ كَمَا عَلِمْت.
الثَّالِثُ قَوْلُهُ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ صَوَابُهُ إنْ كَانَ عَدْلًا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لِأَخِي الزَّوْجَةِ خُصُوصًا عَلَى أَبِي الشَّاهِدِ لَيْسَتْ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّبْرِيزُ فِي الْعَدَالَةِ.
الرَّابِعُ قَوْلُهُ لَكِنْ لَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ عُلِمَ مِنْ الْأَوَّلِ. الثَّانِي شَهَادَةُ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ لِأَخِي الزَّوْجَةِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ بَاعَ لِآخَرَ أَرْضَ زِرَاعَةٍ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعٍ مَتَى تَأْتِنِي بِدَرَاهِمِي خُذْ أَرْضَك فَهَلْ هَذَا الْبَيْعُ صَحِيحٌ أَوْ فَاسِدٌ، وَإِذَا قُلْتُمْ فَاسِدٌ، وَكَانَ الْمُشْتَرِي زَرَعَهَا سِنِينَ فَهَلْ يَغْرَمُ الْمُشْتَرِي أُجْرَتَهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَوْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إنْ قَالَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْعَقْدِ مُتَطَوِّعًا بِهِ لِلْبَائِعِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي مَا الْتَزَمَهُ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ مَتَى جَاءَهُ بِالثَّمَنِ فِي قُرْبِ الزَّمَانِ أَوْ بَعْدَهُ مَا لَمْ يُفَوِّتْهُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ فَوَّتَهُ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ فَإِنْ قَامَ عَلَيْهِ حِينَ أَرَادَ التَّفْوِيتَ فَلَهُ مَنْعُهُ بِالْحَاكِمِ إذَا كَانَ مَالُهُ حَاضِرًا فَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ مَنْعِ الْحَاكِمِ لَهُ رَدَّ الْبَيْعَ، وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَهُ نَفَذَ بَيْعُهُ هَذَا إنْ أَطْلَقَ الْمُشْتَرِي فِي الْتِزَامِهِ فَإِنْ قَيَّدَهُ بِأَجَلٍ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ مَتَى جَاءَهُ بِالثَّمَنِ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ أَوْ عِنْدَ انْقِضَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ بِنَحْوِ يَوْمٍ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي تَفْوِيتُهُ فِي خِلَالِ الْأَجَلِ فَإِنْ فَوَّتَهُ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ شِبْهِ ذَلِكَ نُقِضَ إنْ أَرَادَهُ الْبَائِعُ، وَرُدَّ إلَيْهِ، وَإِنْ قَالَهُ حِينَ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ قَبْلَهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَاجِبُ الْفَسْخِ مَا لَمْ تَفُتْ الْأَرْضُ بِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ فَتَلْزَمُ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْغَلَّةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ أَوْ يَفُوزُ بِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ، وَهَذَا مَا لَمْ يُقِرَّ الْمُتَعَاقِدَانِ بِأَنَّهُمَا قَصَدَا السَّلَفَ بِمَنْفَعَةٍ فَإِنْ أَقَرَّا بِذَلِكَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرُدُّ الْغَلَّةَ اتِّفَاقًا.
قَالَ فِي كِتَابِ بُيُوعِ الْآجَالِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ مَتَى رَدَّ الثَّمَنَ فَالسِّلْعَةُ لَهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ قَالَ سَحْنُونٌ بَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute