قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ: وَرُدَّ، وَيَبْقَى حُكْمُهُ إذَا فَاتَ سَوَاءٌ ظَهَرَ الْحَمْلُ أَوْ عَدَمُهُ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا بِخُصُوصِهِ لِسِوَى الْأَشْيَاخِ الْمَذْكُورِينَ فِي السُّؤَالِ.
وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مَا يُقَيِّدُ مُضِيَّهُ بِالْقِيمَةِ، وَنَصُّهُ وَفِيهَا قُلْت إذَا كَانَ ذَلِكَ يَعْنِي اطِّلَاعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْمَبِيعِ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ قَالَ لَمْ أَسْمَعْهُ، وَأَرَى إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْتَاعَهُ بَيْعًا حَرَامًا، وَنَقَدَ ثَمَنَهُ، وَلَمْ يَفُتْ بِحَوَالَةِ سَوْقٍ حُكْمٍ فِيهِ كَالصَّحِيحِ، وَإِنْ فَاتَ جَعَلَهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، وَيَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ مَتَى الْتَقَيَا انْتَهَى.
وَفِي الْبُرْزُلِيِّ عَنْ ابْنِ عَبْدُوسٍ مَا يُفِيدُ مُضِيَّهُ بِالْقِيمَةِ أَيْضًا، وَنَصُّهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ، وَمَا فَسَادُهُ فِي ثَمَنِهِ فَهَذَا إذَا فَاتَ يَمْضِي بِالْقِيمَةِ انْتَهَى، وَمَعْلُومٌ صِدْقُ الثَّمَنِ عَلَى الْمُثَمَّنِ إذْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ اعْتِبَارِيٌّ، وَأَنَّ الْفَسَادَ هُنَا فِي الْمُثَمَّنِ مِنْ جِهَةِ غَرَرِهِ فَإِنْ قُلْت قَوْلَ الْمُخْتَصَرِ فَإِنْ فَاتَ مُضِيُّ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِالثَّمَنِ يُفِيدُ مُضِيَّهُ بِالثَّمَنِ إذَا فَاتَ.
قُلْت لَا يُفِيدُ ذَلِكَ لِتَقْيِيدِ الْأُجْهُورِيِّ مَا ذُكِرَ بِغَيْرِ الْمَعِيبِ قَالَ أَمَّا الْمَعِيبُ فَيَمْضِي إذَا فَاتَ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ، وَلَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ لِأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي جَعَلَهُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ لِاعْتِقَادِ سَلَامَتِهِ مِنْ الْعَيْبِ ذَكَرَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ ثُمَّ قَضَى إنْ أَثْبَتَ عُهْدَةً إلَخْ، وَتَبِعَهُ تَلَامِذَتُهُ، وَنَقَلَهُ عَبْدُ الْبَاقِي عِنْدَهُ أَيْضًا، وَأَعَادَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ، وَقُوِّمَا بِتَقْوِيمِ الْمَبِيعِ يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي، وَنَقَلَ الْعَدَوِيُّ بَعْضَهُ أَيْضًا فِي هَذَا الْمَحَلِّ، وَلِقَوْلِ اللَّقَّانِيِّ، وَيَقْتَصِرُ عَلَى أَمْثِلَتِهِمْ لِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَلَا يُقَالُ إنَّ الْمِثَالَ لَا يُخَصِّصُ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مُقَيَّدٌ عِنْدَهُمْ بِمَا إذَا كَانَ الْعُمُومُ مَعْلُومًا، وَإِلَّا فَيُخَصَّصُ نَقَلَهُ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْحَمْلِ لِاسْتِزَادَةِ الثَّمَنِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ يُفْسَخُ مَعَ الْقِيَامِ، وَيَمْضِي بِالْقِيمَةِ مَعَ الْفَوَاتِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ فَسْخٌ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا فَاتَ الْمَبِيعُ قَامَتْ قِيمَتُهُ مَقَامَهُ، وَسَوَاءٌ ظَهَرَ الْحَمْلُ أَوْ عَدَمُهُ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ، وَبِمَا تَقَدَّمَ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الْعَلَّامَةِ الْعَدَوِيِّ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ لُزُومِ الْقِيمَةِ فِي بَيْعِ الْأَجِنَّةِ لُزُومَهَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ فِيهَا خِلَافًا، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ يَفُوتُ بِالثَّمَنِ انْتَهَى، وَمَا فِي قَوْلِ الْعَلَّامَةِ الْأَمِيرِ، وَلَيْسَ لَنَا مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَ الْقِيمَةِ إذَا عُدِمَ وَالثَّمَنِ إذَا وُجِدَ، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إنَّمَا قَالَ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ، وَقَدْ كُنْت اقْتَفَيْت أَثَرَهُمَا لِعَدَمِ وُقُوفِي عَلَى نَصٍّ لِاقْتِصَارِي فِي الْمُرَاجَعَةِ عَلَى النَّظَرِ فِي شُرَّاحِ الْمُخْتَصَرِ: وَنَحْوِهَا عِنْدَ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْحَمْلِ، وَاسْتَظْهَرْت كَلَامَ الْعَدَوِيِّ لِاسْتِنَادِهِ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُخْتَصَرِ: وَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ عَلَيَّ بِمَا رَأَيْت رَجَعْت عَنْ جَمِيعِ مَا قُلْته فِي تِلْكَ الْفَتْوَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ بَاعَ بَعِيرًا وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي فَلَمَّا طَلَعَ بِهِ إلَى الْخَلَاءِ شَرَدَ مِنْهُ، وَضَاعَ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ شُرُودُهُ قَدِيمًا يَلْزَمُ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِي فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إذَا ثَبَتَ شُرُودُهُ قَدِيمًا عِنْدَ الْبَائِعِ، وَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ ضَمِنَهُ الْبَائِعُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَإِنْ هَلَكَ يَعْنِي الْمَبِيعُ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ أَوْ بِسَمَاوِيِّ زَمَنِهِ رَجَعَ بِالثَّمَنِ انْتَهَى.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ النَّاسِ عِنْدَ بَيْعِ الْبِضَاعَةِ الَّتِي تُوزَنُ فِي ظَرْفٍ مِنْ إسْقَاطِ وَزْنِ الظَّرْفِ تَحَرِّيًا وَإِسْقَاطِ قَدْرٍ مِنْ الْوَزْنِ أَيْضًا فِي نَظِيرِ مَا يُوجَدُ فِي الْمَبِيعِ دَنِيئًا أَوْ غَلَثًا فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ. فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَجُوزُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute