لِأَنَّهُ مِنْ الْغَرَرِ الْيَسِيرِ الْمُغْتَفَرِ لِلْحَاجَةِ.
وَفِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيِّ، وَسُئِلَ عِزُّ الدِّينِ عَمَّنْ يَبِيعُ سِلْعَةً بِظَرْفِهَا فَتُوزَنُ السِّلْعَةُ مَعَ الظَّرْفِ ثُمَّ يُسْقِطُ لِلظَّرْفِ وَزْنًا يَتَرَاضَى عَلَيْهِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّهُ يَعْرِفُ أَنَّ وَزْنَ الظَّرْفِ دُونَ ذَلِكَ الْقَدْرِ، وَكَانَ الْبَائِعُ يُسَامِحُ الْمُشْتَرِي فِي الزَّائِدِ فَهَلْ يَصِحُّ هَذَا الْبَيْعُ أَمْ لَا.
فَأَجَابَ بِأَنَّ شِرَاءَ مَا فِي الظَّرْفِ إذَا رَآهُ الْمُتَعَاقِدَانِ أَوْ رَأَيَا أُنْمُوذَجَهُ، وَكَانَ الظَّرْفُ مُتَنَاسِبَ الْأَجْزَاءِ فِي الرِّقَّةِ أَوْ الثَّخَانَةِ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُسَامَحَةَ بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ بَلْ يَقَعُ ذَلِكَ بِحُكْمِ الْبُيُوعِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَاجْتِنَابُهُ أَوْلَى.
قُلْت وَمِثْلُهُ الْيَوْمَ يَقَعُ فِي بِلَادِنَا فِي بَيْعِ الزَّيْتِ، وَقَطْعِ الْجَرَّةِ بِوَزْنٍ مَعْلُومِ بِحَسَبِ كِبَرِهَا وَصِغَرِهَا وَبَيْعِ الْوَدَكِ وَقَطْعِ ظَرْفِهِ، وَبَيْعِ التِّبْنِ، وَقَطْعِ ظَرْفِهِ بِوَزْنٍ مَعْلُومٍ، وَبَيْعِ الطَّفْلِ، وَغَيْرِهِ مِمَّا يَفْتَقِرُ لِلظَّرْفِ، وَقَطْعِ وَزْنِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، وَبَيْعِ الزُّبْدِ فِي الْبِلَادِ الْمَشْرِقِيَّةِ، وَطَرْحِ وَزْنِ الْقَرْنِ، وَبَعْضِ مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ التَّمْحِيقِ فَيَجْعَلُونَ لِذَلِكَ وَزْنًا مَعْلُومًا، وَكَذَلِكَ إذَا بَاعُوا الْعِلَاكَ قَبْلَ التَّصْفِيَةِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعِطْرِيَّاتِ، وَيَطْرَحُونَ لِبَعْضِ مَا فِيهِ مِنْ الدَّغَلِ وَزْنًا مَعْلُومًا لِكُلِّ رِطْلٍ أَوْ قِنْطَارٍ فَإِنَّ هَذَا وَشِبْهَهُ جَائِزٌ إذَا شَهِدَتْ الْعَادَةُ أَنَّهُ لَا يَخْتَلُّ إلَّا بِيَسِيرٍ فِي وَزْنِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْغَرَرِ الْيَسِيرِ الْمُضَافِ إلَى الْبُيُوعِ فَإِنَّهُ مُغْتَفَرٌ لِلَّخْمِيِّ أَجَازَ مَالِكٌ بَيْعَ الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ فِي الزِّقَاقِ عَلَى أَنَّ الزِّقَاقَ دَاخِلَةٌ فِي الْوَزْنِ وَالْبَيْعِ قَالَ لِأَنَّ النَّاسَ قَدْ عَرَفُوا وَزْنَهَا، وَقَالَ فِي الْقِلَالِ إنَّهَا عَلَى الْمُتَعَارَفِ مِثْلُ الزِّقَاقَ فَلَا بَأْسَ بِهَا قَالَ الشَّيْخُ أَمْرُ الْقِلَالِ وَاحِدٌ، وَالزِّقَاقُ مُخْتَلِفٌ فَزِقُّ الْفَحْلِ أَكْثَفُ وَأَوْزَنُ، وَالْخَصِيُّ دُونَهُ، وَهُوَ أَكْثَفُ مِنْ زِقِّ الْأُنْثَى.
قُلْت، وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ، وَالصَّوَابُ فِي هَذَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ عِزُّ الدِّينِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى غِلَظِ الظَّرْفِ وَرِقَّتِهِ فَيَرْجِعُ الْخِلَافُ فِيهِ إلَى خِلَافٍ فِي شَهَادَةٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي ثَوْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ حَدَثَ لَهُ دَاءُ الدَّوْرِ فَسَامَهُ الْجَزَّارُونَ بِتِسْعِينَ قِرْشًا فَلَمْ يَرْضَ الشَّرِيكَانِ، وَغَابَا فَجَاءَ الْجَزَّارُونَ لِزَوْجَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، وَقَالُوا لَهَا إنْ لَمْ تَبِيعِي الثَّوْرَ، وَإِلَّا مَاتَ عَاجِلًا فَوَكَّلَتْ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا فَبَاعَهُ لَهُمْ بِالْقَدْرِ الْمَذْكُورِ فَلَمَّا حَضَرَ الشَّرِيكَانِ أَبَى غَيْرُ زَوْجِ الْمُوَكِّلَةِ، وَقَالَ هُوَ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَهَلْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ مَا زَادَ أَوْ الْجَزَّارِينَ أَوْ الْمَرْأَةَ؟ فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَلْزَمُ تَمَامُ الْقِيمَةِ إنْ زَادَتْ عَلَى الثَّمَنِ الْجَزَّارِينَ لِأَنَّهُمْ خَدَعُوا الْمَرْأَةَ، وَغَرُّوهَا مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّ الْمِلْكَ لِغَيْرِهَا وَأَنَّهَا، وَوَكِيلَهَا فُضُولِيَّانِ قَالَ الْعَدَوِيُّ ضَمَانُ مَبِيعِ الْفُضُولِيِّ مِنْ الْمُشْتَرِي حَيْثُ أَجَازَ رَبُّهُ الْبَيْعَ، وَإِنْ رُدَّ كَانَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالتَّعَدِّي فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْغُصَّابِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ اشْتَرَى جَامُوسَةً بِشَرْطِ الْحَمْلِ، وَأَنْ يَرُدَّهَا بِكُلِّ عَيْبٍ يَظْهَرُ فَخَرَجَتْ أُمُّ أَوْلَادِهَا قُرْبَ وِلَادَتِهَا فَهَلْ هُوَ عَيْبٌ يَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ بِهِ أَوْ الْبَيْعُ فَاسِدٌ لِشَرْطِ الْحَمْلِ، وَإِذَا رُدَّتْ فَعَلَى مَنْ مُؤْنَتُهَا، وَلِمَنْ غَلَّتُهَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ حَاكِمَةً بِأَنَّهُ عَيْبٌ فَهُوَ عَيْبٌ يَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ بِهِ إنْ ثَبَتَ قِدَمُهُ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ بَيِّنَةٍ عَلَى حُصُولِهِ عِنْدَهُ قُرْبَ وِلَادَةٍ سَابِقَةٍ، وَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِشَرْطِ الْحَمْلِ لِاسْتِزَادَةِ الثَّمَنِ فَإِنْ قَامَ الْمُشْتَرِي بِحَقِّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute