للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْعِتْقِ عِدَةٌ إنْ شَاءَ رَجَعَ فِيهَا فَمَنْ أَبَتَّ عِتْقَ عَبْدِهِ أَوْ حَنِثَ بِذَلِكَ فِي الْيَمِينِ أُعْتِقَ عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ وَلَوْ وَعَدَهُ بِالْعِتْقِ أَوْ نَذَرَ عِتْقَهُ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَأُمِرَ بِعِتْقِهِ وَقَالَ فِي آخِرِ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ أُعْتِقَ عَبْدِي فُلَانًا مَاذَا عَلَيْهِ؟ قَالَ أَحَبُّ إلَيَّ الْوَفَاءُ بِمَا جَعَلَ لِلَّهِ، وَلَا أَرَى ذَلِكَ لَازِمًا كَالْحِنْثِ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ نَذَرَ لَيَفْعَلَنَّ خَيْرًا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ قَوْلُهُ أَحَبُّ عَلَيَّ ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ فَهُوَ تَجَوُّزٌ فِي الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ نَذَرَ طَاعَةً فَالْوَفَاءُ بِهَا عَلَيْهِ وَاجِبٌ وَقَوْلُهُ، وَلَا أَرَى ذَلِكَ لَازِمًا مَعْنَاهُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِهِ لَا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِلَازِمٍ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَالِقِهِ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَلَازِمٌ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ مِنْ الْحِنْثِ إذْ لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ مَا لِلَّهِ فِيهِ طَاعَةٌ بِالنَّذْرِ، وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ ذَلِكَ بِالْيَمِينِ وَأَشْهَبُ يَرْوِي أَنْ يُحْكَمَ بِالْعِتْقِ عَلَى مَنْ نَذَرَهُ وَهُوَ أَظْهَرُ اهـ بِالْمَعْنَى. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ لَأُعْتِقَنَّكَ إنْ قَدِمْت مِنْ سَفَرِي فَهُوَ مَوْعِدٌ وَأَرَى أَنْ يُعْتِقَهُ. ابْنُ يُونُسَ لِمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ مِنْ خُلْفِ الْمَوْعِدِ. قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَوْ أَرَادَ النَّذْرَ لِسَلَامَتِهِ وَقُدُومِهِ لَزِمَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ بِالْفَتْوَى فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِالْقَضَاءِ إنْ امْتَنَعَ فِي قَوْلِ أَشْهَبَ وَأَمَّا إنْ قَالَ أَنْت حُرٌّ إنْ قَدِمْت مِنْ سَفَرِي فَهَذَا يَعْتِقُ بِالْقَضَاءِ فِي قَوْلِهِمَا. قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ قَدِمْت مِنْ سَفَرِي لَأُطَلِّقَنَّكِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ طَلَاقُهَا طَاعَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُؤْمَرُ بِهَا وَأَمَّا الْعِتْقُ فَهُوَ طَاعَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اهـ.

قُلْت فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي فُلَانٍ أَوْ عَبِيدِي أَوْ إنْ قَدِمْت مِنْ سَفَرِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ، وَلَا يُقْضَى بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ أَوْ فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ فَهَذَا يَلْزَمُهُ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ إذَا حَنِثَ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ الْتَزَمْت أَنْ أُعْتِقَك الْآنَ أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَقَدْ الْتَزَمْت إنْ أَعْتَقْتُك الْآنَ أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَقَدْ الْتَزَمْت عِتْقَ عَبْدِي أَوْ عَبِيدِي ثُمَّ حَنِثَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ، وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ؛ لِأَنَّ الِالْتِزَامَ كَالنَّذْرِ، وَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَعْتَقْتُك بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا أَعْتَقْتُك أَنَّ ذَلِكَ عُدَّةٌ لِعِتْقٍ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالْقَضَاءِ بِالْعِدَةِ مُطْلَقًا وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا سَيَأْتِي وَأَمَّا إذَا نَذَرَ عِتْقَهُ فَحَمَلَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعِدَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ وَحَمَلَهُ أَشْهَبُ عَلَى الِالْتِزَامِ وَقَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ فِي تَوْجِيهِ عَدَمِ جَبْرِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَجْبَرَهُ فَهُوَ بِخِلَافِ نَذْرِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالنَّذْرِ لِلَّهِ الْقُرْبَةُ وَإِذَا أُجْبِرَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نِيَّةٌ، وَلَا ثَوَابٌ وَكَانَ ذَلِكَ تَفْوِيتًا لِنَذْرِهِ فَيُتْرَكُ وَمَا قَصَدَ فَلَعَلَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>