للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنَتَهُمَا كَذَا وَكَذَا فَلَمَّا مَاتَ الْأَبُ وَطُولِبَتْ الْأُمُّ بِنِصْفِهَا ادَّعَتْ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَيْهَا إنَّمَا كَانَ حَيَاءً وَخَجَلًا مِنْ النَّاسِ وَنَصُّهُ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُؤَدِّيَ الشُّهُودُ شَهَادَتَهُمْ عَلَى مَا فَهِمُوا مِنْ حَالِ الْأُمِّ مِنْ خَجَلِهَا وَعَدَمِ طِيبِ نَفْسِهَا وَتَحْلِفُ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْ عِمَارَةَ ذِمَّتِهَا، وَلَا تَعَلُّقَ شَيْءٍ مِنْ النِّحْلَةِ بِمَالِهَا انْتَهَى الْغَرَضُ مِنْهُ نَقَلَهُ ابْنُ هِلَالٍ وَصَاحِبُ الْمِعْيَارِ فِي نَوَازِلِ النِّكَاحِ وَاَلَّذِي فِي نَوَازِلِ الْوَصَايَا وَأَحْكَامِ الْمَحَاجِيرِ عَنْ الْقَاضِي الْيَزْنَاسِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: فِي مَسْأَلَةِ مَحْجُورٍ وَقَعَ مِنْهُ إبْرَاءُ بَعْدَ مَوْتِ وَصِيِّهِ، ثُمَّ ادَّعَى الْإِكْرَاهَ مَا نَصُّهُ فَإِنْ أَرَادَ السَّائِلُ بِلَفْظِ الْإِكْرَاهِ مَا كَانَ يَمْنَعُنِي الْحَيَاءُ فَلَا عُذْرَ لَهُ فِي ذَلِكَ اهـ.

وَكَذَا فِي الدُّرَرِ عَنْ سَيِّدِي سَعِيدٍ الْعُقْبَانِيِّ فِيمَنْ سَلَّمَتْ لِأَخِيهَا فِي مِيرَاثِهَا، ثُمَّ أَنْكَرَتْ وَادَّعَتْ أَنَّ سُكُوتَهَا عَلَيْهِ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَهُوَ يَتَصَرَّفُ كَانَ حَيَاءً وَثَبَتَ التَّسْلِيمُ مِنْهَا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي قَالَ سَيِّدِي سَعِيدٌ الْمَذْكُورُ وَقَوْلُهَا إنَّمَا سَكَتَتْ حَيَاءً مِنْ أَخِيهَا لَا يَنْفَعُهَا ا. هـ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَاتَيْنِ النَّازِلَتَيْنِ إنَّمَا فِيهِمَا دَعْوَى الْحَيَاءِ بِلَا دَلِيلٍ فَلِذَلِكَ أُلْغِيَتْ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا فَفِيهِ مَا يُصَدِّقُ دَعْوَى الْإِكْرَاهِ بِسَبَبِ الْحَيَاءِ فَلَا خِلَافَ إذَنْ نَعَمْ وَجَدْتُ الْخِلَافِ مُصَرَّحًا بِهِ فِي تَقْيِيدٍ كُنْت قَيَّدْته، وَلَا أَسْتَحْضِرُ الْآنَ أَصْلَهُ الَّذِي قَيَّدْته مِنْهُ وَنَصُّهُ الَّذِي فِي ثَمَانِيَةِ أَبِي زَيْدٍ إذَا أَدْخَلَ الرَّجُلُ عَلَى زَوْجَتِهِ جَمَاعَةً مِنْ النَّاسِ لِتَضَعَ عَنْهُ صَدَاقَهَا فَأَدْرَكَهَا الْحَيَاءُ وَالْحِشْمَةُ فَوَهَبَتْ لَهُ صَدَاقَهَا فَلَهَا الرُّجُوعُ.

وَفِي أَسْئِلَةِ الْقَابِسِيِّ لَا تَرْجِعُ، وَلَا عُذْرَ لَهَا فِي الْحَيَاءِ وَالْحِشْمَةِ انْتَهَى.

الثَّانِي لَمْ أَرَ أَنَّ الْأُخْتَ إذَا قَامَتْ لِرَدِّ مَا وَهَبَتْ لِأَخِيهَا أَتَحْلِفُ أَوْ لَا تَحْلِفُ وَظَاهِرُ النُّصُوصِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا إذَا عُلِمَ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَقْدِرْنَ عَلَى طَلَبِ حُقُوقِهِنَّ عَادَةً وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَعْنَى فِي سُقُوطِ الْيَمِينِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا نَقَلَهُ سَيِّدِي عَبْدُ الْقَادِرِ الْفَاسِيُّ فِي نَوَازِلِهِ عَنْ الْوَنْشَرِيسِيِّ أَنَّ هِبَةَ نِسَاءِ الْبَوَادِي بَاطِلَةٌ مَرْدُودَةٌ لِمَا غَلَبَ وَفَشَا أَنَّهُنَّ مَقْهُورَاتٌ وَمَغْلُوبَاتٌ قَالَ اُنْظُرْ كَيْفَ عَلَّلَ ذَلِكَ بِالْفُشُوِّ وَالْعِلْمِ وَكَأَنَّ ذَلِكَ قَامَ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ عَلَى الدَّعْوَى ا. هـ.

قُلْت إذَا كَانَ الْحُكْمُ سُقُوطَ الْيَمِينِ عَنْهَا فَالْبَيِّنَةُ الَّتِي قَامَ الْفُشُوُّ مَقَامَهَا هِيَ الْبَيِّنَةُ الْقَاطِعَةُ إذْ لَوْ قَامَ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ السَّامِعَةِ لَوُجِّهَتْ عَلَيْهَا الْيَمِينُ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي نَازِلَةِ ابْنِ لُبٍّ السَّابِقَةِ مَا فِي مَسْأَلَةِ هِبَةِ نِسَاءِ الْبَوَادِي مِنْ الْفُشُوِّ أَفْتَى بِيَمِينِ الزَّوْجَةِ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِمَا فَهِمُوا مِنْ حَالِ الْمَرْأَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، ثُمَّ هَذَا الَّذِي تَوَقَّفْنَا فِيهِ فِي حَقِّ نِسَاءِ الْبَوَادِي مِنْ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ وَسُقُوطِهَا إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ صَدَرَ مِنْهَا الْهِبَةَ، ثُمَّ ادَّعَتْ مُوجِبَ عَدَمِ لُزُومِهَا أَوْ ادَّعَى عَلَيْهَا الْهِبَةَ وَأَنْكَرَتْ مَعَ تَحَقُّقِ الدَّعْوَى، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجَرَّدُ السُّكُوتِ عَنْ قَرِيبِهَا وَتَرَكَهُ يَسْتَغِلُّ وَحِينَ قَامَتْ عَلَيْهِ بِنَصِيبِهَا مِنْ الْغَلَّةِ اتَّهَمَهَا بِأَنْ تَكُونَ وَهَبَتْ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَلِذَا قَالَ الْوَنْشَرِيسِيُّ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِبْدَادِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ بِاسْتِغْلَالِ الْأُصُولِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي حُضُورِ الْوَارِثِ الْآخَرِ وَسُكُوتِهِ، وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشَرَ مِنْ مَسَائِلِ أَبِي الْعَبَّاسِ الْخَالِدِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ سُكُوتَ الْوَارِثِ لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ وَأَقْصَى مَا عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَأَنَّ سُكُوتَهُ لَمْ يَكُنْ هِبَةً قَالَ: وَهَذَا إنْ قُطِعَ عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ تَوَجُّهُ الْيَمِينِ فِي دَعْوَى الْمَعْرُوفِ، وَأَمَّا إنْ اتَّهَمَهُ فَقَطْ فَلَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى تُهْمَةٍ فِي تَبَرُّعٍ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.

الثَّالِثُ تَقَدَّمَ فِي جَوَابِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ إذَا بِيعَ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ وَعَلِمْت بِهِ وَسَكَتَتْ عُدَّ سُكُوتُهَا رِضًا إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا مَانِعٌ.

قُلْت وَمِنْ الْمَوَانِعِ الَّتِي لَا يَسْقُطُ مَعَهَا الْحَقُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ تَكُونَ وَهَبَتْ نَصِيبَهَا لِقَرِيبِهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي لَا تَلْزَمُهَا الْهِبَةُ فِيهِ، ثُمَّ تَرَاهُ يَبِيعُ وَتَجْهَلُ أَنَّ هِبَتَهَا غَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>