الطَّلَاقُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةَ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ، وَقَالَ الْخَرَشِيُّ: الطَّلَاقُ مُضَادٌّ لِلنِّكَاحِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِلْإِبَاحَةِ، وَلَا بَقَاءَ لِلضِّدِّ مَعَ وُجُودِ ضِدِّهِ اهـ.
وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَيْسَتْ عَلَى ذِمَّةِ مُطَلِّقِهَا بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَى كَوْنِهَا عَلَى ذِمَّتِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَطَأْهَا بَيْنَ الطَّلَاقِ، وَالتَّعْلِيقِ الْمَذْكُورَيْنِ فَإِنْ وَطِئَهَا، وَلَوْ بِلَا نِيَّةٍ رَجْعَةً لَزِمَهُ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَرَوْنَهُ رَجْعَةً كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ الرَّجْعِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ لَيْسَتْ عَلَى الذِّمَّةِ، وَإِلَّا لَمَا صَحَّ التَّشْبِيهُ، وَمَا ذَكَرْت مِنْ قَوْلِهِمْ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ لَسْت لِي عَلَى ذِمَّةٍ بَانَتْ مِنْهُ فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ لَا يُنْتَجُ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ عَلَى الذِّمَّةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمْ إنَّمَا حَمَلُوهُ عَلَى الْبَائِنِ احْتِيَاطًا، وَتَشْدِيدًا عَلَى مَنْ لَبَّسَ، وَطَلَّقَ بِغَيْرِ الصَّرِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ، وَاَللَّهِ لَأُطَلِّقَنَّكِ إنْ دَخَلَتْ أَنْت دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَتْهَا فَهَلْ تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهَا الدَّارَ أَوْ لَا تَطْلُقُ إلَّا بِإِنْشَاءِ طَلَاقٍ بِاللَّفْظِ، وَإِذَا قُلْتُمْ إنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهَا فَهَلْ إذَا اعْتَقَدَ الْحَالِفُ جَهْلًا مِنْهُ أَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ، وَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ خَلَصْتِ مِنِّي نَاوِيًا إخْبَارَهَا بِمَا اعْتَقَدَهُ أَوْ غَيْرَ نَاوٍ شَيْئًا تَطْلُقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهَا، وَيَدِينُ فِي نِيَّةِ الْإِخْبَارِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ بِهِ طَلَاقٌ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا حَمْلًا لَهُ عَلَى الْإِخْبَارِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَإِنْ طَلَّقَ فَقِيلَ لَهُ مَا فَعَلْت فَأَجَابَ فِي الرَّجْعِيَّةِ بِمُحْتَمَلِ الْإِنْشَاءِ فَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى الْإِخْبَارِ، وَظَاهِرِ الْعَمَلِ بِالنِّيَّةِ، وَالنَّصِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ عَلَى الطَّلَاقِ إنَّك أَكَلْت بِيضًا، وَادَّعَى أَنَّهُ أَبْصَرَهَا تَأْكُلُهُ، وَقَالَتْ هِيَ: أَنَا لَمْ آكُلْهُ، وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ قَوْلُهَا، وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، الْقَوْلُ قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَدِينٌ إنْ ادَّعَى مُمْكِنًا كَهِلَالٍ لَمْ يَرَهُ غَيْرُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى حَالِفَيْنِ تَنَاقَضَا كَطَائِرٍ يَقُولُ هَذَا غُرَابٌ، وَهَذَا حِدَأَةٌ، وَطَلَّقَ عَلَى غَيْرِ الْجَازِمِ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ كَتَبَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ فِي كِتَابٍ، وَهُوَ غَيْرُ عَازِمٍ، وَلَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهُ، فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، غَيْرُ الْعَازِمِ صَادِقٌ بِالْمُتَرَدِّدِ، وَبِخَالِي الذِّهْنِ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ، وَالْأَوَّلُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَزِمَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ، وَمُجَرَّدِ إرْسَالٍ، وَلَوْ لَمْ يَصِلْ، وَكِتَابَةٍ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ الْكِتَابَ إلَّا مُسْتَشِيرًا فِي حَالِ الْكِتَابَةِ، وَالْإِخْرَاجِ لَمْ يَصِلْ، وَعَدَمُ النِّيَّةِ مَحْمُولُ عَلَى الْعَزْمِ، وَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فِي الرَّمَاصِيِّ إنْ كَتَبَ إنْ وَصَلَ لَك كِتَابِي تَوَقَّفْ عَنْ الْوُصُولِ.
وَفِي إذَا خِلَافٌ، وَقَوَّى التَّوَقُّفَ بِخِلَافِ كِتَابَةِ صِيغَةِ التَّنْجِيزِ، وَهُوَ خَيْرٌ مِمَّا فِي الْخَرَشِيِّ، وَغَيْرِهِ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا، ثُمَّ طَلَّقَ مَنْ فِي عِصْمَتِهِ، وَتَزَوَّجَ