وَالْأَطْرَوْنَ، وَلَيْسَ لَهُ بُخَارٌ يَصِلُ إلَى الْحَلْقِ وَقَدْ نَقَلَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ عَنْ السُّلَيْمَانِيَّة أَنَّ مَنْ تَبَخَّرَ بِدَوَاءٍ، وَوَجَدَ طَعْمَ دُخَانِهِ فِي حَلْقِهِ فَقَدْ أَفْطَرَ كَمَنْ اكْتَحَلَ أَوْ دَهَنَ رَأْسَهُ، وَوَجَدَ طَعْم ذَلِكَ فِي حَلْقِهِ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ مَنْ اسْتَنْشَقَ بُخَارَ قِدْرِ الطَّعَامِ فَقَدْ أَفْطَرَ قَالُوا؛ لِأَنَّ بُخَارَ الطَّعَامِ لَهُ جِسْمٌ يَتَقَوَّى بِهِ الدِّمَاغُ فَيَحْصُلُ بِهِ مِثْلُ مَا يَحْصُلُ بِالْأَكْلِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفَمَ أَقْرَبُ لِلْحَلْقِ مِنْ الْأَنْفِ، وَمِنْ مَسَامِّ الرَّأْسِ، وَأَوْسَعُ مِنْهُمَا، وَأَنَّ الْأَصْلَ، وَالْغَالِبَ، وَالْمُشْتَهَى الْإِيصَالُ مِنْهُ، وَأَنَّ الِانْتِهَاكَ بِهِ أَشَدُّ فَلِذَا قُصِرَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي حَادِثَةٍ فِي سَنَةِ إحْدَى وَثَمَانِينَ هِيَ أَنَّهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ حَضَرَ خَبَرٌ مِنْ الشَّامِ فِي التِّلِغْرَافِ لِبَعْضِ الثُّغُورِ بِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي الشَّامِ رُؤْيَةُ هِلَالِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الْيَوْمِ الْحَاضِرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَفْتَى مُفْتِيهِ بِالْعَمَلِ بِهَذَا الْخَبَرِ، وَالْحُكْمِ بِثُبُوتِ الشَّهْرِ فِي ذَلِكَ الثَّغْرِ، وَحَكَمَ قَاضِيهِ بِذَلِكَ تَمَسُّكًا بِقَوْلِ بَعْضِ حَوَاشِي التَّنْوِيرِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَهْلُ الْقُرَى بِسَمَاعِ الْمَدَافِعِ أَوْ رُؤْيَةِ الْقَنَادِيلِ مِنْ الْمِصْرِ؛ لِأَنَّهَا عَلَامَةٌ ظَاهِرَةٌ تُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ بِثُبُوتِهِ عِنْدَ قَاضِي الْمِصْرِ، وَغَلَبَةُ الظَّنِّ حُجَّةٌ مُوجِبَةٌ لِلْعَمَلِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَاحْتِمَالُ كَوْنِ ذَلِكَ لِغَيْرِ رَمَضَانَ بَعِيدٌ إذْ لَا يُفْعَلُ مِثْلُ ذَلِكَ عَادَةً لَيْلَةَ الشَّكِّ إلَّا لِثُبُوتِ رَمَضَانَ اهـ. وَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْقُطْرِ الشَّامِيِّ عَارَضُوا ذَلِكَ غَايَةَ الْمُعَارَضَةِ، وَرَدُّوا الْفَتْوَى الْمَذْكُورَةَ قَائِلِينَ بِعَدَمِ جَوَازِ الْحُكْمِ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ مُسْتَدِلِّينَ بِعِبَارَةٍ مَنْ الْكُتُبِ الْمُحَرَّرَةِ فَهَلْ يُعَوَّلُ عَلَى الْفَتْوَى الْمَذْكُورَةِ أَوْ عَلَى قَوْلِ الْمُعَارِضِينَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ وَلَكُمْ الثَّوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ يُعَوَّلُ عَلَى الْفَتْوَى الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ سَلَاطِينَ الْمُسْلِمِينَ وَضَعُوا التِّلِغْرَافَ لِتَبْلِيغِ الْأَخْبَارِ مِنْ الْبِلَادِ الْقَرِيبَةِ، وَالْبَعِيدَةِ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ جِدًّا، وَأَقَامُوا لِأَعْمَالِهِ أَشْخَاصًا مُسْلِمِينَ، وَأَنْفَقُوا عَلَى ذَلِكَ أَمْوَالًا جَسِيمَةً، وَاسْتَغْنَوْا بِهِ عَنْ السُّعَاةِ، وَإِرْسَالِ الْمَكَاتِيبِ غَالِبًا فَصَارَ قَانُونًا مُعْتَبَرًا فِي ذَلِكَ يُخَاطِبُ بِهِ السَّلَاطِينُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي مُهِمَّاتِ الْأُمُورِ، وَتَبِعَهُمْ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَالْحَطَّابِ، وَغَيْرِهِمَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ انْتَظَرُوا هِلَالَ رَمَضَانَ فَلَمْ يَرَوْهُ، وَأَصْبَحُوا مُفْطِرِينَ وَقَدْ بَلَغَهُمْ بِالسِّلْكِ ثُبُوتُ رَمَضَانَ فِي مِصْرَ مُعْتَقِدِينَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ الصَّوْمُ بِهِ، وَإِنَّ الْحُكْمَ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ أَمْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute