قَوْلِ أَبِي الضِّيَاءِ سَيِّدِي خَلِيلٍ وَنُدِبَ لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ أَنْ يُعِيدَ مُفَوِّضًا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَنْ طَرَأَتْ لَهُ نِيَّةُ الْإِعَادَةِ عَلَى وَجْهِ الْفَرْضِيَّةِ بَعْدَمَا نَوَى فَرْضَ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ طَرَأَتْ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا وَأَمَّا إنْ حَصَلَتْ لَهُ حَالَ نِيَّةِ الْأُولَى فَلَا تُجْزِئُ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَنَقَلَ الْمَوَّاقُ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ ثَوْبَيْهِ فَيَتَحَرَّى مَا نَصُّهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَسْت أَنَا أَرَى ذَلِكَ بَلْ يُصَلِّي فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ يُعِيدُ فِي الْآخَرِ مَكَانَهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ إنْ وُجِدَ طَاهِرًا.
ابْنُ رُشْدٍ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا صَلَّى عَلَى أَنَّهُ يُعِيدُ لَمْ يُجْزَمْ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهَا فَرْضُهُ وَكَذَا إذَا أَعَادَهَا فِي الثَّوْبِ الْآخَرِ لَمْ تَخْلُصْ النِّيَّةُ لِلْفَرْضِ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَوَى أَنَّهَا صَلَاتُهُ إنْ كَانَ هَذَا الثَّوْبُ هُوَ الثَّوْبُ الطَّاهِرُ وَنَحْوُ هَذَا لِابْنِ يُونُسَ فِي جَامِعِ الْقَوْلِ فِي الْإِمَامَةِ فَإِنَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى أَنْ يُعِيدَهَا يَنْبَغِي أَنْ لَا تُجْزِئَهُ انْتَهَى الْمَقْصُودُ مِنْهُ، وَنَقَلَ الْمَوَّاقُ أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَعَادَ بِوَقْتِ مَا يُنَاسِبُ هَذَا وَنَصُّهُ فِيهَا لِمَالِكٍ إذَا أَيْقَنْت أَنَّ الْإِمَامَ قَدَرِيٌّ أَوْ حَرُورِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ فَلَا تُصَلِّ خَلْفَهُمْ وَلَا الْجُمُعَةَ فَإِنْ أَيْقَنْتَهُ وَخِفْتَهُ فَصَلِّ مَعَهُ وَأَعِدْ ظُهْرًا وَوَقَفَ مَالِكٌ فِي إعَادَةِ مَنْ صَلَّى خَلْفَ مُبْتَدِعٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ ابْنُ يُونُسَ اُنْظُرْ قَوْلَهُ أَعِدْ ظُهْرًا مَعَ وُقُوفِهِ فِي إعَادَةِ مَنْ صَلَّى خَلْفَ مُبْتَدِعٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي صَلَّى تَقِيَّةً صَلَّى عَلَى أَنْ يُعِيدَ وَمَنْ صَلَّى عَلَى أَنْ يُعِيدَ لَا تُجْزِئُهُ الْأُولَى.
وَأَمَّا الَّذِي وَقَفَ فِيهِ مَالِكٌ فَقَدْ قَصَدَ الِائْتِمَامَ بِهِ عَلَى أَنَّ هَذَا فَرْضُهُ وَلَا يُعِيدُ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ اهـ.
وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ قَوْلُهُ وَمَنْ صَلَّى عَلَى أَنْ يُعِيدَ لَا تُجْزِئُهُ الْأُولَى فَإِنَّهَا قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ وَلَيْسَتْ مَخْصُوصَةً بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ مَسْأَلَةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ الْمَذْكُورَةِ انْتَهَى الْمَقْصُودُ مِنْ كَلَامِ الْأُجْهُورِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي قَوْمٍ قَلِيلِينَ نَزَلُوا فِي أَرْضِ زِرَاعَةٍ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ مِنْ قُرَى مِصْرَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْضِ الَّتِي أَذِنَ فِي عِمَارَتِهَا الْحَاكِمُ وَتُسَمَّى أَبْعَدِيَّةً وَبَنَوْا قَرْيَةً، وَبَنَى مَعَهُمْ نَاسٌ مُتَغَرِّبُونَ مِنْ بِلَادِهِمْ وَبَنَوْا مَسْجِدًا فَهَلْ لَا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت: نَعَمْ لَا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِأَنَّ قُرَى مِصْرَ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهَا أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ غَالِبًا وَحِينَئِذٍ فَبَيْنَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الْمُحْدَثَةِ وَبَيْنَ إحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَرَفَةَ الِاتِّفَاقَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إحْدَاثِهَا بِقُرْبِهَا بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ كَمَا نَقَلَهُ التَّتَّائِيُّ وَنَصَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ إحْدَاثُهَا بِقُرْبِهَا بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ اتِّفَاقًا وَفِي جَوَازِهِ بِأَزْيَدَ مِنْهَا أَوْ بِبُعْدِهَا بِسِتَّةِ أَمْيَالٍ ثَالِثُهَا بَرِيدٌ لِلْبَاجِيِّ وَيَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَابْنِ حَبِيبٍ مَعَ نَقْلِ الشَّيْخِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِّ لِكُلِّ قَرْيَةٍ أَنْ يَجْمَعُوا وَلَوْ قَرِبُوا وَلَا نَصَّ فِي مَنْعِهِ قُصُورٌ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute