مَا قَوْلُكُمْ) فِي قَرْيَةٍ تُقَامُ فِيهَا جُمُعَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَهْلُهَا الْمُخَاطَبُونَ بِالْجُمُعَةِ وَلَوْ نَدْبًا نَحْوُ أَرْبَعِمِائَةٍ وَالْجَامِعُ يَسَعُهُمْ وَأَرَادُوا إقَامَةَ الْجُمُعَةِ فِي جَامِعٍ آخَرَ مَعَ إقَامَتِهَا فِي الْعَتِيقِ مُسْتَنِدِينَ لِقَوْلِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بِجَوَازِ التَّعَدُّدِ فِي الْبَلَدِ الْكَبِيرِ وَقَوْلِ الْعَدَوِيِّ الْعَمَلُ الْآنَ عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ فَمَا مَعْنَى الْكَبِيرِ وَمَا مَعْنَى الْعَمَلِ وَإِذَا حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِصِحَّتِهَا فِي الْجَدِيدِ فَهَلْ يَرْفَعُ حُكْمُهُ الْخِلَافَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ بِاتِّفَاقِ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنَّمَا هُوَ فِي مِثْلِ بَغْدَادَ وَمِصْرَ وَهُوَ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ مُخَالِفَةٍ لِمَشْهُورِ الْمَذْهَبِ وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي مِثْلِ بَغْدَادَ وَمِصْرَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْعَدَوِيِّ الْعَمَلُ الْآنَ عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ وَنَقَلَ الْعَدَوِيُّ عَنْ اللَّقَانِيِّ قَوْلُ التَّوْضِيحِ لَا أَظُنُّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ التَّعَدُّدِ فِي مِثْلِ بَغْدَادَ وَمِصْرَ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْخِلَافَ مَنْصُوصٌ فِي مِثْلِ بَغْدَادَ وَمِصْرَ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عَدَمُ جَوَازِ التَّعَدُّدِ.
الْعَدَوِيُّ لَكِنَّ الْعَمَلَ جَرَى بِقَوْلِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ الْمُخَالِفِ لِلْمَشْهُورِ اهـ. وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِوُجُودِ الْقَوْلِ بِجَوَازِ التَّعَدُّدِ مُطْلَقًا فِي الْمَذْهَبِ وَلَا مَنْ أَشَارَ إلَيْهِ وَلَوْ وُجِدَ لَأَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ وَلَمْ يَحْتَجْ لِحِيلَةِ التَّعْلِيقِ الَّتِي أَفْتَى بِهَا السُّلْطَانَ الْغُورِيَّ وَقَدْ لَخَّصَ ابْنُ عَرَفَةَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَحَصَرَهُ فِي أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: مَنْعُ التَّعَدُّدِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَجَوَازُهُ فِي مِثْلِ بَغْدَادَ وَمِصْرَ بِمَسْجِدَيْنِ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَيَحْيَى بْنِ عُمَرَ، وَجَوَازُهُ كَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْجَانِبَيْنِ كَبَغْدَادَ قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَجَوَازُهُ بِمَسْجِدَيْنِ إنْ كَثُرُوا جِدًّا وَبَعُدَ الْمُصَلُّونَ فِي الْأَفْنِيَةِ وَالطُّرُقِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا تُقَامُ بِمَوْضِعَيْ مِصْرَ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَيَحْيَى بْنُ عُمَرَ إنْ عَظُمَ كَبَغْدَادَ وَمِصْرَ فَلَا بَأْسَ بِهَا بِمَسْجِدَيْنِ.
ابْنُ الْقَصَّارِ إنْ كَانَتْ ذَاتَ جَانِبَيْنِ كَبَغْدَادَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَثُرُوا وَبَعُدَ الْمُصَلُّونَ فِي أَفْنَيْته وَعَلَى الثَّانِي إنْ أُقِيمَتَا فَفِيهَا الصَّحِيحَةُ ذَاتُ الْعَتِيقِ اهـ.
وَحُكْمُ الشَّافِعِيِّ بِصِحَّتِهَا فِي الْجَدِيدِ مَعَ إقَامَتِهَا فِي الْعَتِيقِ لَمْ يُوَافِقْ مَذْهَبَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ مَنْعِهِ التَّعَدُّدَ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَهُوَ حُكْمٌ بَاطِلٌ لَمْ يَرْفَعْ الْخِلَافَ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي مَسْجِدٍ أُحْدِثَ فِي مَدِينَةِ بَرْبَرٍ وَفِيهَا جَامِعٌ عَتِيقٌ يَضِيقُ عَنْ الْمُصَلِّينَ فِيهِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لِكَثْرَةِ الْوَارِدِينَ عَلَيْهَا لِلتِّجَارَةِ وَيُصَلُّونَ فِي طُرُقِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ فَهَلْ تَصِحُّ فِي الْجَدِيدِ لِضِيقِ الْعَتِيقِ وَهَلْ إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ يَرَى صِحَّتَهَا فِيهِ بِصِحَّتِهَا فِيهِ يَرْفَعُ حُكْمُهُ الْخِلَافَ وَتَصِحُّ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute