فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ إذَا قَالَ أَبْطَلْت كُلَّ وَصِيَّةٍ تَقَدَّمَتْ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ إلَّا وَصِيَّةً قَالَ فِيهَا لَا رُجُوعَ فَلَا تَبْطُلُ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهَا. قُلْت: وَنَحْوُهُ فِي الشَّامِلِ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَهُ الرُّجُوعَ وَلَوْ الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ فَهُوَ جَارٍ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ لَا رُجُوعَ لِي فِيهَا وَبَيْنَ الْتِزَامِهِ عَدَمَ الرُّجُوعِ وَلِذَا قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي الْمَذْهَبِ لِلْمُوصِي الرُّجُوعُ عَنْ وَصِيَّتِهِ وَلَوْ قَالَ لَا رَجْعَةَ لِي فِيهَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ يَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ مِنْ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً لَا رَجْعَةَ فِيهَا وَمَنْ شَرَطَ التَّصْدِيقَ فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي اخْتِصَارِ الْحَوفِيِّ لَوْ الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ لَزِمَهُ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى الْمَشْهُورِ انْتَهَى. ثُمَّ ذَكَرَ الْمَشَذَّالِيُّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ فِي مُخْتَصَرِهِ الْفِقْهِيِّ وَلِلْفُقَهَاءِ الْمَشَاهِيرِ بِإِفْرِيقِيَّةَ عَلَيْهَا أَجْوِبَةٌ مِنْهَا لِلْبَرْجِينِيِّ وَالْبَرْقِيِّ وَابْنِ الْبَرَاءِ وَابْنِ شُعَيْبٍ قَائِلًا: الْمَنْقُولُ لُزُومُ الِالْتِزَامِ انْتَهَى. وَنُقِلَ عَنْ التُّونُسِيِّ وَصَاحِبِ الْإِكْمَالِ وَالْمُتَيْطِيُّ اللُّزُومُ.
قُلْت وَنَصُّ كَلَامِ التُّونُسِيِّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ التَّدْبِيرِ وَلَوْ قَالَ فِي الْوَصِيَّةِ لَا رُجُوعَ لِي فِيهَا أَوْ فُهِمَ مِنْهُ إيجَابُ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ لَكَانَ كَالتَّدْبِيرِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ عَنْ ذَلِكَ انْتَهَى فَظَهَرَ أَنَّ اللُّزُومَ هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ لَا رُجُوعَ لِي فِيهَا وَالْتِزَامِ عَدَمِ الرُّجُوعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ التُّونُسِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ وَأَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ التُّونُسِيِّينَ أَلَّفُوا فِيهَا ثُمَّ قَالَ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّهُ لَهُ الرُّجُوعُ وَاشْتَرَطَ أَنْ لَا يَرْجِعَ بَعْدَ أَنْ عَرَفَ بِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فَأَخَذَ بِقَوْلِ مَنْ يَرَى الْعَمَلَ فِي ذَلِكَ أَيْ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ فَقَالَ شَيْخُنَا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَعْنِي الْبُرْزُلِيَّ يَعْمَلُ عَلَى مَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ لَهُ الرُّجُوعُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا انْتَهَى.
قُلْت وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَقِفُوا عَلَى نَصٍّ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَقَدْ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ لَمَّا ذَكَرَ اشْتِرَاطَ التَّصْدِيقَ فِي قَبْضٍ وَذَكَرَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ الْعَاقِدُ فِي شَرْطِ التَّصْدِيقِ بَعْدَ أَنْ عَرَفَ بِاخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ الْيَمِينِ وَسُقُوطِهَا فَأَخَذَ بِقَوْلِ مَنْ يَرَى سُقُوطَهَا هَلْ يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ رَبُّ الدَّيْنِ وَيَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْخِلَافِ أَمْ لَا فَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُ وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْيَمِينُ وَيَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْخِلَافِ وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِمَا قَضَى بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْيَمِينِ وَلَيْسَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَتَخَيَّرَ عَلَى الْحَاكِمِ وَيَحْكُمَ عَلَى نَفْسِهِ بِقَوْلِ قَائِلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى يَكُونَ الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي يَقْضِي بِمَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِ النِّكَاحِ لَمَّا ذَكَرَ شَرْطَ الْمَغِيبِ ثُمَّ كَرَّرَهُ فِي بَابِ السَّلَمِ أَيْضًا لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّصْدِيقِ فِي قَبْضِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَعَزَا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ لِابْنِ الْهِنْدِيِّ وَالثَّانِيَ لِابْنِ الْعَطَّارِ وَذَكَرَ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ أَنَّهُ صَوَّبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute