فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ فِي الْمَرْأَةِ تَضَعُ عَنْ زَوْجِهَا مَهْرَهَا عَلَى أَنْ يَهَبَ لَهَا مَنْزِلَهُ، أَوْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهَا أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ.
(الثَّانِي) إذَا قَالَ الْمُلْتَزِمُ بِكَسْرِ الزَّايِ إنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدَك فُلَانًا فَلَكَ عِنْدِي كَذَا وَكَذَا فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ قَدْ أَعْطَيْتُك ذَلِكَ أَوْ قَدْ فَعَلْت، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْعَطَاءِ، فَإِنْ أَجَابَهُ الْآخَرُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِ ذَلِكَ، فَقَدْ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا الْتَزَمَهُ بِالْقَوْلِ الصَّادِرِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ وَالثَّوَابُ بَعْدَ تَعْيِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ، وَإِنْ قَالَ الْأَوَّلُ لَا أَرْضَى، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ اخْتِبَارَك هَلْ تَرْضَى أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ بِهِ مَا أَرَادَ إلَّا اخْتِبَارُهُ، وَلَمْ يُرِدْ إيجَابَ الِالْتِزَامِ، فَإِنْ حَلَفَ وَإِلَّا لَزِمَهُ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ الْغَرَرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ أَوْقَفَ سِلْعَتَهُ لِلسَّوْمِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: بِكَمْ؟ فَقَالَ: بِعَشَرَةٍ، فَقَالَ: قَدْ رَضِيَتْ فَقَالَ لَا أَرْضَى، فَإِنَّهُ حَلَفَ أَنَّهُ سَاوَمَ عَلَى إيجَابِ الْبَيْعِ وَيَبْرَأُ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ الْبَيْعُ.
وَكَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ فِيمَا إذَا قَالَ الْبَائِعُ أَنَا أَبِيعُك هَذِهِ السِّلْعَةَ بِكَذَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرِيهَا بِكَذَا فَقَالَ الْبَائِعُ لَا أَرْضَى، أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا أَشْتَرِي مِنْك سِلْعَةَ كَذَا بِكَذَا فَقَالَ الْبَائِعُ قَدْ بِعْتُك فَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَرْضَى أَنَّهُ يَحْلِفُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ، وَإِنْ انْقَضَى الْمَجْلِسُ ثُمَّ جَاءَ الْمُلْتَزَمُ لَهُ لِلْمُلْتَزِمِ وَقَالَ لَهُ قَدْ رَضِيت فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُلْتَزِمَ مَا الْتَزَمَهُ، وَأَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَتَى فِي الْتِزَامِهِ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي اللُّزُومَ، وَلَوْ انْقَضَى الْمَجْلِسَ كَقَوْلِهِ مَتَى أَعْطَيْتنِي هَذَا فَلَكَ كَذَا وَكَذَا أَوْ أَيُّ وَقْتٍ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَلَمْ أَقِفْ فِي جَمِيعِ هَذَا عَلَى نَصٍّ فَلْيُتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) إذَا قُلْنَا إنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ بِالْقَوْلِ فَلِلْمُلْتَزَمِ لَهُ الِامْتِنَاع مِنْ التَّسْلِيم حَتَّى يُسْلَم لَهُ الْمُلْتَزِم مَا الْتَزَمَهُ كَالْبَيْعِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِي ذَلِكَ الِاخْتِلَاف الَّذِي فِي هِبَة الثَّوَاب؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ صَرَّحَ بِالْعِوَضِ صَارَ حُكْمه حُكْم الْبَيْع عَلَى أَنَّ مَذْهَب الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لِلْوَاهِبِ الْمَنْع مِنْ قَبَضَ الْهِبَة حَتَّى يَقْبِض الثَّوَاب خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ.
(الرَّابِعُ) إذَا قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدَك أَوْ سِلْعَتَك فَلَكَ عَلَيَّ أَنْ أُرْضِيَكَ فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي هِبَةِ الثَّوَابِ اشْتِرَاطُ الثَّوَابِ دُونَ تَعْيِينِهِ كَقَوْلِهِ أَهَبُك هَذَا عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي، فَإِنْ أَعْطَاهُ مَا رَضِيَ بِهِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ قَالَ لَا أَرْضَى بِهَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي أَعْطَاهُ، فَإِنْ كَانَ دُونَ قِيمَةِ سِلْعَتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْرَ قِيمَةِ سِلْعَتِهِ، أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ: إنَّ فِيهِ إرْضَاءً لَهُ فَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ الْعِدَّةِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(الْخَامِسُ) إذَا قَالَ لَهُ إنْ بِعْتنِي سِلْعَتَك بِكَذَا فَلَكَ عِنْدِي كَذَا وَكَذَا أَوْ، فَقَدْ الْتَزَمْت لَك كَذَا وَكَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute