الْكَلَامُ، وَإِنَّمَا سَأَلَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ أَنْ تَضَعَ عَنْهُ الصَّدَاقَ فَوَضَعَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا بِالْقُرْبِ لَرَجَعَتْ عَلَيْهِ إذْ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا وَضَعَتْهُ رَجَاءَ اسْتِدَامَةِ صُحْبَتِهِ، وَلَوْ سَأَلَ الْبَائِعُ الْمُبْتَاعَ الْإِقَالَةَ فَأَقَالَهُ دُونَ كَلَامٍ ثُمَّ بَاعَهَا الْبَائِعُ بِالْقُرْبِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُبْتَاعِ فِي ذَلِكَ قَوْلٌ.
فَهُنَا تَفْتَرِقُ الْمَسْأَلَتَانِ فَفِي وَضْعِ الْمَرْأَةِ صَدَاقَهَا إذَا سَأَلَهَا الزَّوْجُ ذَلِكَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَضَعَهُ وَتَسْكُتَ، أَوْ تَقُولَ أَخْشَى إنْ وَضَعْته أَنْ تُطَلِّقَنِي فَيَقُولَ: لَا أَفْعَلُ، أَوْ تَقُولَ إنَّمَا أَضَعُهُ عَنْك عَلَى أَنَّك لَا تُطَلِّقُنِي أَبَدًا، وَعَلَى أَنِّي مَتَى طَلَّقْتَنِي رَجَعْت عَلَيْك بِهِ فَيَكُونَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ مَتَى طَلَّقَهَا كَانَ ذَلِكَ بِالْقُرْبِ، أَوْ بَعْدَ طُولٍ مِنْ الزَّمَانِ اهـ.
وَمَسْأَلَةُ سَحْنُونَ هَذِهِ هِيَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فِي شُرُوطِ النِّكَاحِ لَكِنَّهُ ذَكَرَهَا عَلَى وَجْهٍ أَخَصَّ، وَهُوَ أَنَّ الْبَائِعَ قَالَ لِلْمُشْتَرِي مَتَى بِعْتهَا فَهِيَ لَك بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ سَحْنُونَ أَنَّهُ سَأَلَهُ الْإِقَالَةَ يُقَالُ إنِّي أَخَافُ أَنَّك تُرِيدُ بَيْعَهَا لِرِبْحٍ فَقَالَ الْبَائِعُ إنَّمَا أَرَدْتهَا لِنَفْسِي فَأَقَالَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ مَتَى بِعْتهَا فَهِيَ لَك بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ وَقَالَ بَعْدَهَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ وَكَانَ ابْنُ نَافِعٍ يَقُولُ: لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي هَذَا، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ.
قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ هَذَا جَيِّدٌ مِنْ فُتْيَاهُ وَاسْتَحْسَنَهُ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ هَذِهِ مَسْأَلَةُ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي شَرْحِهَا فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونَ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَلَامِهِ عَلَى الشُّرُوطِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ سَحْنُونَ وَسَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ثُمَّ قَالَ: قُلْت لَمَّا ذَكَرَ الصَّقَلِّيُّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْجَوَازِ قَالَ قَالَ الشَّيْخُ هَذَا خِلَافُ مَا فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عُمَرَ لَا تَقْرَبْهَا وَفِيهَا شَرْطٌ لِأَحَدٍ وَفِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ لَا خَيْرَ فِيهِ وَالْإِقَالَةُ بَيْعٌ اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ وَيُفْسِدُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ، وَأَمَّا فِي الْإِقَالَةِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ بِجَوَازِهِ وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي كَلَامِهِ السَّابِقِ فِي شُرُوطِ النِّكَاحِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْإِقَالَةِ، وَلَوْ كَانَتْ فِي الْأَمَةِ، فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ يَبِيعُ أَرْضَهُ، أَوْ جَارِيَتَهُ ثُمَّ يَسْتَقِيلُ. وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ مَنْعَ الْبَائِعِ مِنْ وَطْئِهَا بَعْدَ الْإِقَالَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْقِسْمُ الرَّابِعُ) مِنْ أَقْسَامِ الشُّرُوطِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْبَيْعِ مَا يَكُونُ الشَّرْطُ فِيهِ غَيْرَ صَحِيحٍ إلَّا أَنَّهُ خَفِيفٌ فَلَمْ يَقَعْ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَهُ السِّلْعَةَ وَيَشْتَرِطَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ نَحْوُهَا فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا. وَمِثْلُ الَّذِي يَبْتَاعُ الْحَائِطَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْجَائِحَةِ؛ لِأَنَّ الْجَائِحَةَ لَوْ أَسْقَطَهَا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْجَائِحَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute