للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّقْدِ وَيُقْضَى بِالْمُوَاضَعَةِ وَيُنْزَعُ الثَّمَنُ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ حَيْثُ جَعَلَ الْقَوْلَ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ اشْتِرَاطِ نَقْدِ الثَّمَنِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ مُقَابِلًا لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَعَزَاهُ لِابْنِ حَبِيبٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْمُوَاضَعَةِ، فَإِنَّ اشْتِرَاطَ النَّقْدِ يُفْسِدُهُ حِينَئِذٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُمَا إذَا شَرَطَا الْمُوَاضَعَةَ وَشَرَطَ الْبَائِعُ النَّقْدَ، فَقَدْ دَخَلَا عَلَى الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ تَارَةً يَصِيرُ ثَمَنًا وَتَارَةً سَلَمًا بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَا تَرْكَ الْمُوَاضَعَةِ فَلَمْ يَدْخُلَا عَلَى الْغَرَرِ بَلْ عَلَى أَنَّهُ ثَمَنٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ مَا بِيعَ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ، أَوْ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمُوَاضَعَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ، فَإِنَّ شَرْطَ النَّقْدِ فِيهِ يُفْسِدُ الْبَيْعَ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَيَجُوزُ.

فَأَمَّا مَا يَقَعُ عَلَى الْبَتِّ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ الْمُوَاضَعَةَ مِثْلُ بَيْعِ أَهْلِ مِصْرَ، وَمَنْ لَا يَعْرِفُهَا مِنْ الْبُلْدَانِ يَتَبَايَعُونَ عَلَى النَّقْدِ وَلَا يَشْتَرِطُونَ نَقْدًا وَلَا مُوَاضَعَةً فَهُوَ بَيْعٌ لَازِمٌ وَلَا يُفْسَخُ وَيُقْضَى عَلَيْهِمَا بِالْمُوَاضَعَةِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ: وَلَوْ انْصَرَفَ بِهَا الْمُبْتَاعُ وَغَابَ عَلَيْهَا رُدَّ إلَى الْمُوَاضَعَةِ وَلَا حُجَّةَ لِلْمُبْتَاعِ بِغَيْبَتِهِ عَلَيْهَا، وَهُوَ قَدْ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا اهـ.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَشَرْطُ نَقْدِ الْمُوَاضَعَةِ فِي عَقْدِ بَيْعِهَا فِيهَا يُفْسِدُهُ وَطَوْعُهُ بَعْدَهَا جَائِزٌ فِي بَيْعِهَا بَتًّا وَبِخِيَارٍ مَذْكُورٍ فِي كِتَابِ الْخِيَارِ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ بَيْعَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْمُوَاضَعَةَ كَمِصْرٍ يَبِيعُونَ عَلَى النَّقْدِ وَلَا يَشْتَرِطُونَ نَقْدًا وَلَا مُوَاضَعَةً صَحِيحٌ وَيُقْضَى بِهَا وَيُنْزَعُ الثَّمَنُ مِنْ الْبَائِعِ إنْ طَلَبَهُ الْمُبْتَاعُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قُلْت: وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يُوقَفُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَلَوْ طُبِعَ عَلَيْهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَهْنِ مَا لَا يَعْرِفُ بِعَيْنِهِ مَطْبُوعًا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ فِي الْمُوَاضَعَةِ عَيْنُ حَقِّهِ اهـ.

قُلْت: وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ وَلَا يَشْتَرِطُونَ نَقْدًا وَلَا مُوَاضَعَةً مَعْنَاهُ لَا يَدْخُلُونَ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ وَيَشْتَرِطُونَ تَعْجِيلَ النَّقْدِ وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ يُنْزَعُ الثَّمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْمُبْتَاعُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِجَوَازِ التَّطَوُّعِ بِالنَّقْدِ فِي بَيْعِ الْمُوَاضَعَةِ.

(الثَّانِي) قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَمْ يَتَبَرَّأْ الْبَائِعُ مِنْ الْحَمْلِ يُرِيدُ، وَأَمَّا إنْ تَبْرَأَ مِنْ الْحَمْلِ، فَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ ظَاهِرًا فَلَا مُوَاضَعَةَ، وَإِنْ كَانَ خَفِيًّا فَشَرْطُ الْبَرَاءَةِ فِيهِ الْبَيْعُ فِي الْعِلِّيَّةِ الَّتِي تَحْتَاجُ إلَى الْمُوَاضَعَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلْغَرَرِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَقَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ. وَقِيلَ: الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ جَائِزَانِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، نَقَلَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ ابْنُ رُشْدٍ وَأَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُمَا فِي كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ.

(الثَّالِثُ) إذَا أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي الْمُوَاضَعَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ صَحَّ ذَلِكَ، وَلَوْ كَرِهَ الْبَائِعُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ قَالَ فِي كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلِلْمُبْتَاعِ قَبُولُهَا فِي الْمُوَاضَعَةِ قَبْلَ مَحِيضِهَا عَلَى الرِّضَا بِالْحَمْلِ إنْ كَانَ بِهَا وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي أَصْلِ التَّبَايُعِ وَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مَكَانَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا كَمَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>