للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ تَطَوُّعَهُ بِالرَّهْنِ مَعْرُوفٌ مِنْهُ وَإِسْقَاطُ الضَّمَانِ مَعْرُوفٌ ثَانٍ اهـ.

وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَفْظُهُ وَفِي لَغْوِ شَرْطِ الْمُرْتَهِنِ سُقُوطُ ضَمَانِهِ وَأَعْمَالِهِ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَصَوَّبَهُ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، أَوْ الْقَرْضِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُمَا اُعْتُبِرَ؛ لِأَنَّ طَوْعَهُ بِالرَّهْنِ إلَخْ وَنُقِلَ فِي التَّوْضِيحِ نَحْوُ هَذَا عَنْ الْمَازِرِيِّ وَنَصُّهُ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ يَحْسُنُ إذَا كَانَ الرَّهْنُ فِي عَقْدِ بَيْعٍ، أَوْ سَلَفٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ يَكُونُ لَهُ هُنَاكَ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ أَوْ مَعْنَاهَا فِي السَّلَفِ.

وَأَمَّا لَوْ كَانَ الِاشْتِرَاطُ فِي رَهْنٍ تَطَوَّعَ بِهِ الرَّاهِنُ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، فَإِنَّهُ هُنَا لَا يَحْسُنُ الْخِلَافُ؛ لِأَنَّ التَّطَوُّعَ بِالرَّهْنِ هَاهُنَا كَالْهِبَةِ، فَإِذَا أَضَافَ إلَى هَذَا التَّطَوُّعِ إسْقَاطَ الضَّمَانِ فَهُوَ إحْسَانٌ عَلَى إحْسَانٍ فَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ فِيهِ.

وَيُؤَكِّدُ هَذَا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ يُوَفَّى لَهُ بِالشَّرْطِ فِي الْعَارِيَّةِ وَمَا ذَلِكَ إلَّا لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا عِوَضَ فِيهَا، وَإِنَّمَا هِيَ هِبَةٌ وَمَعْرُوفٌ وَنَحْوُهُ اللَّخْمِيُّ اهـ. كَلَامُ التَّوْضِيحِ. وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَلَمْ يَذْكُرْ مَا قَيَّدَهُ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ مَعَ أَنَّهُ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ.

قُلْت: وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ قَالَ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ ارْتَهَنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَشَرَطَ أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ مُصَدَّقٌ لَمْ يَنْفَعْهُ شَرْطُهُ وَضَمِنَ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ ضَاعَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ السُّنَّةِ قَالَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ: لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي حُكْمَ أَصْلِ الْعَقْدِ فَلَمْ يَصِحَّ أَصْلُهُ كَمَا إذَا شَرَطَ فِي الْوَدِيعَةِ أَنْ يَضْمَنَ وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَلَوْ شَرَطَ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَضْمَنَهُ، وَأَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ فِيهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ وَقَالَ الْبَرْقِيُّ عَنْ أَشْهَبَ شَرْطُهُ جَائِزٌ، وَهُوَ مُصَدَّقٌ، وَكَذَلِكَ فِي الْعَارِيَّةِ اهـ.

فَعُلِمَ تَعْلِيلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بُطْلَانَ الشَّرْطِ بِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ فَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الرَّهْنُ فِي الْعَقْدِ أَوْ تَطَوُّعًا كَمَا قَالَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَطَ الرَّاهِنُ الضَّمَانَ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لَا يَلْزَمُهُ وَضَمَانُهُ مِنْ رَبِّهِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ: وَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ لِخَوْفِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ فَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْخَوْفِ، فَإِنَّهُ ضَامِنٌ اهـ.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ الْقَرْيَتَيْنِ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ لَوْ اشْتَرَطَ الْمُعِيرُ أَوْ الرَّاهِنُ ضَمَانَ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ الْحَيَوَانِ فَشَرْطُهُ بَاطِلٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَكُلُّ أَصْحَابِهِ حَاشَا مُطَرِّفًا، فَإِنَّهُ قَالَ إنْ شَرَطَ لِأَمْرٍ خَافَهُ مِنْ قَهْرٍ، أَوْ لُصُوصٍ وَشَبَهَهُ فَشَرْطُهُ لَازِمٌ إنْ عَطِبَ فِيمَا خَافَهُ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ اهـ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا شَرَطَ ضَمَانَ الْحَيَوَانِ أَنَّ شَرْطَهُ بَاطِلٌ وَيَجْرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>