عَارِيَّةً كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ وَيَكُونُ لَهُ أَخْذُ مَا وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الِابْنَةِ فِيمَا تَلِفَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا عَلَى زَوْجِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا جَهَّزَ بِهِ بِنْتَه الثَّيِّبَ، وَهُوَ فِي مَالِهَا بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَوْلِيَاءِ مَعَ الْأَبْكَارِ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ مَعَ ابْنَتِهِ الثَّيِّبِ، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِلْأَبِ فِي الْبِكْرِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ مَالَهَا فِي يَدِهِ قَالَ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ: فَإِنْ اشْهَدْ فِي الثَّيِّبِ عَلَى الشُّورَةِ أَنَّهَا عَارِيَّةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ قَامَ يَطْلُبُهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ حُكْمُ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ كَذَلِكَ مَعَ الْإِشْهَادِ، وَإِنْ تَلِفَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَيْءٌ إلَّا أَنْ تَعْلَمَ الْمَالِكَةُ لِأَمْرِهَا أَنَّ ذَلِكَ عَارِيَّةٌ فَتَضْمَنُ مَا تَلِفَ اهـ.
وَفِي الْمُخْتَصَرِ وَقَبِلَ دَعْوَى الْأَبِ فَقَطْ فِي إعَارَتِهِ لَهَا فِي السَّنَةِ بِيَمِينٍ، وَإِنْ خَالَفَتْهُ الِابْنَةُ.
قَالَ الْخَرَشِيُّ: يَعْنِي أَنَّ الْبِكْرَ إذَا جَهَّزَهَا أَبُوهَا وَأَدْخَلَهَا بِهِ عَلَى زَوْجِهَا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْجِهَازَ، أَوْ بَعْضَهُ عَارِيَّةٌ عِنْدَ ابْنَتِهِ فَلَا يَخْلُو حَالُهُ إمَّا أَنْ يُدْعَى ذَلِكَ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَوْ خَالَفَتْهُ الِابْنَةُ كَانَ مَا ادَّعَاهُ مِمَّا يُعْرَفُ لَهُ أَمْ لَا ادَّعَى أَنَّهُ لَهُ، أَوْ اسْتَعَارَهُ لَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ كَانَ فِيمَا أَبْقَاهُ بَعْدَ مَا ادَّعَاهُ وَفَاءً بِمَا أَصْدَقَ الزَّوْجُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَقِيَ وَفَاءٌ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَحْلِفُ الْأَبُ وَيَأْخُذُهُ وَيُطَالِبُ بِإِحْضَارِ مَا فِيهِ كَفَافٌ بِمَا أَصْدَقَهُ الزَّوْجُ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ أَصْلَ الْمَتَاعِ لِلْأَبِ فَيَحْلِفُ وَيُتْبَعُ بِالْوَفَاءِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ التَّوْضِيحِ وَالْأَبُ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ فِيمَا عُرِفَ أَصْلُهُ.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَى الْعَارِيَّةِ إلَّا مِنْ الْأَبِ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا رِضَا لِلْأَبِ فِيمَا لَهَا.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَمِثْلُ الْبِكْرِ الثَّيِّبِ الَّتِي فِي وِلَايَتِهِ قِيَاسًا عَلَى الْبِكْرِ وَمِثْلُ الْأَبِ الْوَصِيِّ فِيمَنْ فِي وِلَايَتِهِ مِنْ بِكْرٍ، أَوْ ثَيِّبٍ مُولًى عَلَيْهَا، وَأَمَّا الثَّيِّبُ الَّتِي لَيْسَتْ فِي وِلَايَةِ أَبِيهَا فَهُوَ فِي حَقِّهَا كَالْأَجْنَبِيِّ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرِ الْأَبِ فِي الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ إذَا خَالَفَتْهُمْ الْمَرْأَةُ، أَوْ وَافَقَتْهُمْ وَكَانَتْ سَفِيهَةً اهـ.
وَالْبِكْرُ الْمُرْشِدَةُ كَالثَّيِّبِ الرَّشِيدَةِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ أَنَّ الْمُهْمَلَةَ هُنَا كَالْمُولَى عَلَيْهَا اهـ.
قَالَ الْعَدَوِيُّ قَوْلُهُ فِي السَّنَةِ: أَيْ مِنْ يَوْمِ الْبِنَاءِ لَا الْعَقْدِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لَا يُخْفِي أَنَّ مَذْهَبَ الْمُوَثِّقِينَ أَنَّ دَعْوَى الْقَبُولِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي السَّنَةِ فَقَطْ لَكِنْ بِدُونِ يَمِينٍ، وَأَنَّ طَرِيقَةَ ابْنِ حَبِيبٍ تُعْتَبَرُ فِي السَّنَةِ وَزِيَادَةِ شَهْرَيْنِ وَثَلَاثَةٍ لَكِنْ بِيَمِينٍ، فَقَدْ لَفَّقَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ مِنْ قَوْلَيْنِ، وَعَلَى قَوْلِهِ لَيْسَ مِنْ تَحْلِيفِ الْوَلَدِ لِأَبِيهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ وَأَيْضًا هِيَ مِنْ حَقِّهِ إنْ شَاءَ حَلَّفَهَا، أَوْ تَرَكَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ قَوْلُهُ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ دَعْوَاهُ فِي السَّنَةِ مِنْ يَوْمِ الْبِنَاءِ لَا الْعَقْدِ، وَقَدْ أَشَرْنَا إلَيْهِ.
ثَانِيهَا أَنْ يَبْقَى بَعْدَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْعَارِيَّةِ مَا يَفِي بِجِهَازِهَا الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ، وَلَوْ أُزِيدَ مِنْ صَدَاقِهَا وَثَالِثُهَا كَمَا يَأْتِي أَنْ تَكُونَ مُجْبَرَةً، أَوْ سَفِيهَةً.
(تَنْبِيهٌ) لَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ فِيمَا مَلَكَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ هُوَ وَلَا عَلَى ابْنَتِهِ إنْ لَمْ تَعْلَمْ بِالْعَارِيَّةِ، أَوْ عَلِمَتْ وَهِيَ سَفِيهَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَبَ قَصَّرَ وَتَضْمَنُ الرَّشِيدَةُ إنْ عَلِمَتْ، وَلَمْ تُقِمْ لَهَا بَيِّنَةً قَوْلُهُ وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مُقَابِلٌ لِكَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَوْلُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ التَّوْضِيحِ أَيْ فَيُفِيدُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَالْمَعْمُولُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَالْأَبُ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ فِيمَا عُرِفَ أَصْلُهُ أَيْ، فَإِذَا ادَّعَى الْأَجْنَبِيُّ أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ قَدْ اسْتَعَارَهُ وَلِيُّهَا وَعَرَفَ أَنَّهُ لَهُ فَيَأْخُذُهُ وَيُطَالِبُ الْوَلِيُّ بِإِحْضَارِ مَا فِيهِ كَفَافٌ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِلْأَبِ فَقَطْ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلتَّعْمِيمِ بِقَوْلِهِ سَوَاءٌ عُرِفَ أَصْلُهُ أَمْ لَا لَا بِالنَّظَرِ لِخُصُوصِ مَا عُرِفَ أَصْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَبِ بِهِ، قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا رِضًا لِلْأَبِ أَيْ لَا كَلَامَ لَهُ فِي مَالِهَا بِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّيِّبِ الرَّشِيدَةُ فَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ لَا يُخَالِفُ كَلَامَ التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْأَبِ الْوَصِيُّ أَيْ، وَلَوْ أُمًّا كَذَا فِي عَبْدِ الْبَاقِي وَتِلْكَ الْمُبَالَغَةُ تُؤْذِنُ بِأَنَّ الْجَدَّةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ لَا فَرْقَ قَوْلُهُ وَالْبِكْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute