للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافٌ أَبُو عُمَرَ وَأَصْحَابُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ يَرَوْنَهُ حَلَالًا اهـ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ عَقِيمٍ خَطَبَ امْرَأَةً مِنْ أَبِيهَا فَامْتَنَعَ مِنْ إعْطَائِهَا لَهُ لِعُقُمِهِ فَذَهَبَ ثُمَّ عَادَ مَعَ جَمَاعَةٍ فَقَالَ أَبُوهَا لَا أُعْطِيهَا لَك إلَّا بِشَرْطٍ إنْ أَحْبَلْتَهَا فِي مُدَّةِ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ شَهْرًا مَكَثَتْ مَعَك، وَإِنْ لَمْ تُحْبِلْهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ تَأْخُذُ الْمَرْأَةُ صَدَاقَهَا وَتَعُودُ إلَيْنَا فَرَضِيَ الْخَاطِبُ بِهَذَا الشَّرْطِ وَعَقَدَ النِّكَاحَ عَلَيْهِ فِي وَقْتِ الْعَشِيَّةِ عَلَى يَدِ بَيِّنَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَكُتِبَتْ وَثِيقَةٌ فِي صَبِيحَتِهَا بَيْنَهُمْ بِهَذَا الشَّرْطِ وَشَهِدَ عَلَيْهَا بَيِّنَةٌ أَيْضًا فَمَا حُكْمُ هَذَا النِّكَاحِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ هَذَا النِّكَاحُ فَاسِدٌ وَاجِبُ الْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ وَوَلَدَتْ الْأَوْلَادَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صُوَرِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ الْمَجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ كَمَا حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - رُجُوعُهُ عَنْ تَجْوِيزِهِ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ أَحَدٌ إلَّا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ وَكَوْنُهُ نِكَاحَ مُتْعَةٍ يُعْلَمُ بِالْأَوْلَى مِمَّا فِي الشَّبْرَخِيتِيِّ عَنْ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَنَصُّهُ: " قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ مُدَّةً ثُمَّ يُفَارِقُهَا إذَا سَافَرَ مَثَلًا أَيْ يَنْوِي فِرَاقَهَا إذَا سَافَرَ إذَا أَعْلَمَهَا بِذَلِكَ فَسَدَ اهـ ".

وَيُعْلَمُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ عَبْدِ الْبَاقِي حَقِيقَةُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ أَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ مَعَ ذِكْرِ الْأَجَلِ مِنْ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ، أَوْ وَلِيِّهَا بِأَنْ يُعْلِمَهَا بِمَقْصُودِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ مِنْ فِرَاقِهَا عِنْدَ سَفَرِهِ كَمَا فِي تَزْوِيجِ أَهْلِ الْمَوْسِمِ مِنْ مَكَّةَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي يَتِيمَةٍ مُهْمَلَةٍ لَهَا إخْوَةٌ وَعَمَّانِ وَلَا يُخْشَى فَسَادُهَا أُرِيدَ تَزْوِيجُهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا فَهَلْ يَجُوزُ وَيَمْضِي إذَا وَقَعَ أَوَّلًا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يَجُوزُ الْقُدُومُ عَلَى تَزْوِيجِهَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ وَقَعَ فُسِخَ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الزَّوْجُ وَبَطَلَ الزَّمَنُ بَعْدَ دُخُولِهِ بِوِلَادَةِ وَلَدَيْنِ فَأَكْثَرَ، أَوْ مَضَى زَمَنٌ تَلِدُ فِيهِ ذَلِكَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ تَزْوِيجُ غَيْرِ الْبَالِغِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهَا إذَا خُشِيَتْ عَلَيْهَا الضَّيْعَةُ وَكَانَتْ فِي سِنِّ مَنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا وَرَضِيَتْ بِالنِّكَاحِ أَنَّهُ جَائِزٌ عَلَيْهَا.

وَقِيلَ: يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا وَيَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَاتَّفَقَ الْمُتَأَخِّرُونَ أَنَّ تَزْوِيجَهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ جَائِزٌ إذَا خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ، وَعَلَى الْمُشَاوِرِ إنْ وَقَعَ، فَإِنَّهُ يُفْسَخُ، وَإِنْ بَلَغَتْ مَا لَمْ تَدْخُلْ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ إذَا تَزَوَّجَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَقِيلَ: إنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ طَالَ وَوَلَدَتْ الْأَوْلَادَ وَرَضِيَتْ بِزَوْجِهَا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَعَزَاهُ إلَى مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ.

وَقِيلَ: يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَا يُفْسَخُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَغَيْرِهِ.

وَقِيلَ: إنَّ النِّكَاحَ يُكْرَهُ، فَإِذَا وَقَعَ لَا يُفْسَخُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رَسْمِ الْبِزْ وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ.

وَقِيلَ: إنْ زُوِّجَتْ، وَقَدْ شَارَفَتْ الْحَيْضَ، وَأَنْبَتَتْ فَلَا يُفْسَخُ وَإِلَّا فُسِخَ اهـ.

وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي مَرِيضٍ بِالْبَاسُورِ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ حَتَّى يَمْنَعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ أَيَّامًا، وَهُوَ مُحْتَاجٌ لِمَنْ يَعُولُهُ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ وَيَمْضِي إنْ وَقَعَ أَمْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّجُ مَا لَمْ يُقْعِدْهُ وَيُضْنِهِ قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَرَضِ الْعِلَلُ الْمُزْمِنَةُ الَّتِي لَا يُخَافُ عَلَى الْمَرِيضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>