للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَلَاقٍ، وَإِنْ نَوَى بِهَا الثَّلَاثَ لَمْ يَبَرَّ فِيهَا بِهِ فَلَهُ حِلُّهَا بِالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ التَّطْلِيقِ ثَلَاثًا، وَالْكَفَّارَةُ بِإِطْعَامِ عَشْرِ مَسَاكِينَ، كُلُّ مِسْكِينٍ مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ مِنْ الْقَمْحِ إلَّا إنْ تَقَدَّمَ لَهُ مَا يُكَمِّلُ الثَّلَاثَ فَيَبَرُّ بِهِ أَيْضًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) دَامَ فَضْلُكُمْ فِي رَجُلٍ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَتَعَرَّضَتْ لَهُ أُمُّهَا، وَسَبَّتْهُ فَقَالَ لَهَا مَا دُمْت فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ فَبِنْتك طَالِقٌ بِالثَّلَاثِ فَخَرَجَتْ مِنْ سَاعَتِهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ إذَا خَرَجَتْ مِنْ الْبَلْدَةِ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ مَعَ إمْكَانِهِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ سَوَاءٌ خَرَجَتْ مِنْهَا فِي سَاعَتِهَا أَوْ بَعْدَهَا، وَكَانَ لَا يُمْكِنُهَا الْخُرُوجُ قَبْلَ ذَلِكَ لِخَوْفِهَا عَلَى نَفْسِهَا مَثَلًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ أَخَّرَتْ الْخُرُوجَ مَعَ إمْكَانِهِ عَادَةً لَزِمَهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ حَمْلًا لِيَمِينِهِ عَلَى الْعُرْفِ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ تَعْلِيقَهُ عَلَى اسْتِمْرَارِهَا فِي الْبَلَدِ سَوَاءٌ أَمْكَنَهَا الْخُرُوجُ أَمْ لَا، وَإِلَّا لَزِمَهُ مَتَى تَرَاخَتْ أَمْكَنَهَا الْخُرُوجُ أَمْ لَا، وَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ سَاعَتِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ تَعْلِيقَهُ عَلَى مُطْلَقِ اسْتِقْرَارِهَا فِيهَا، وَإِلَّا حَنِثَ، وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ أَصْلًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ، وَهِيَ حَافِظَةٌ لِمَالِهَا دُونَ دِينِهَا فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ بَاقِي صَدَاقِهَا فَخَالَعَهَا وَاحِدَةً عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ قَبْلَ خُرُوجِهَا مِنْ الْعِدَّةِ رَاجَعَهَا لَهُ مَالِكِيٌّ جَهْلًا مِنْهُ، وَعَاشَرَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ فَأَوْقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقًا فَهَلْ يَلْحَقُهُ هَذَا الثَّانِي عِنْدَنَا مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِأَنَّهُ رَجْعِيٌّ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِاللُّحُوقِ فَمَا جَزَاءُ مَنْ أَفْتَى بِعَدَمِهِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ. الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ يَلْحَقُهُ الطَّلَاقُ الثَّانِي عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُمَا بِمُجَرَّدِ الرَّجْعَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ؛ إذْ طَلَاقُهُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ رَجْعِيٌّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ الْخَطِيبُ فِي الْإِقْنَاعِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مَحْجُورَةٌ بِسَفَهٍ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا، وَلَغَا ذِكْرُ الْمَالِ اهـ.

وَمِنْ السَّفَهِ عِنْدَهُمْ تَضْيِيعُ الدِّينِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَالنِّكَاحُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ كَالْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ كَطَلَاقِهِ قَالَ الْأُسْتَاذُ الدَّرْدِيرُ تَشْبِيهٌ تَامٌّ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَهُ أَيْ الْفَسْخِ لَحِقَهُ الطَّلَاقُ اهـ بِتَصَرُّفٍ، وَفِي الْمَجْمُوعِ، وَفَسْخُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ طَلَاقٌ، وَطَلَاقُهُ قَبْلَهُ أَيْ الْفَسْخِ كَهُوَ اهـ.

وَجَزَاءُ مَنْ أَفْتَى بِعَدَمِهِ الْأَدَبُ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ اشْتِغَالٌ، وَإِلَّا فَالزَّجْرُ، وَالتَّوْبِيخُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي امْرَأَةٍ غَابَ زَوْجُهَا عَنْهَا أَرْبَعَ سِنِينَ، وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ، وَلَمْ تَعْلَمْ جِهَتَهُ، وَلَمْ يَتْرُكْ لَهَا مَالًا تُنْفِقُ مِنْهُ، وَلَا أَقَامَ وَكِيلًا بِذَلِكَ، وَخَافَتْ الزِّنَا فَرَفَعَ وَلِيُّهَا أَمْرَهَا لِقَاضِي بَلَدِهَا، وَأَثْبَتَ عِنْدَهُ مَا ذَكَرَ، وَطَلَبَ طَلَاقَهَا فَطَلَّقَهَا الْقَاضِي، وَحَكَمَ بِهِ وَاعْتَدَّتْ، وَتَزَوَّجَتْ فَهَلْ طَلَاقُهَا وَزَوَاجُهَا صَحِيحٌ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ طَلَاقُهَا لِعَدَمِ النَّفَقَةِ أَوْ خَوْفِ الْعَنَتِ صَحِيحٌ لَكِنَّ حُكْمَ الْقَاضِي بِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَغَيْرُ مُعْتَدٍ بِهِ فِي رَفْعِ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ الَّذِي وَلَّى قُضَاةَ مِصْرَ، وَنَحْوَهُمْ اسْتَثْنَى حِينَ تَوْلِيَتِهِمْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَمَنَعَهُمْ مِنْ الْحُكْمِ فِيهَا، وَكَتَبَ بِذَلِكَ تَقْرِيرًا، وَأَرْسَلَهُ لِسَائِرِ أَقْطَارِ عَمَلِهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فَهُمْ مَعْزُولُونَ عَنْ الْحُكْمِ فِيهَا فَإِنْ حَكَمُوا فِيهَا لَمْ يُعْتَبَرْ حُكْمُهُمْ، وَلَمْ يَرْفَعْ خِلَافًا فَيَجُوزُ لِمَنْ يَرَى خِلَافَهُ نَقْضُهُ قَالَ الْخَرَشِيُّ، وَإِذَا قِيلَ: تَنْعَقِدُ عَامَّةً، وَخَاصَّةً فَيَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ لَا يَحْكُمَ فِي قَضِيَّةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ لَا يَحْكُمَ بَيْنَ فُلَانٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>