فَلَا يَلْزَمُهُ، وَآخَرُ بِأَنَّهُ إنْشَاءُ مُكَافَأَةٍ لَهَا عَلَى الِامْتِنَاعِ.
قُلْت فِي الْجَوَابِ: قَوْلُ الثَّانِي هُوَ الصَّوَابُ خُصُوصًا إذَا جَرَى عُرْفُهُمْ بِاسْتِعْمَالِ الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْإِنْشَاءِ لِذَلِكَ أَوْ نَوَاهُ الزَّوْجُ أَوْ دَلَّ عَلَيْهِ الْبِسَاطُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي أَخٍ بَالِغٍ وَصِيٍّ عَلَى أَخِيهِ الصَّغِيرِ زَوَّجَهُ امْرَأَةً لِخِدْمَتِهِ فِي الْبَيْتِ فَشَاجَرَهُ الصَّغِيرُ، وَأُمُّهُ، وَقَالَا لَهُ: إنْ لَمْ تُطَلِّقْهَا انْعَزَلْنَا مِنْك فَطَلَّقَهَا عَنْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهَلْ يَنْفُذُ هَذَا الطَّلَاقُ، وَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا الْكَبِيرُ بَعْدَهُ يَكُونُ عَقْدًا صَحِيحًا؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَنْفُذُ هَذَا الطَّلَاقُ، وَيَصِحُّ عَقْدُهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا لَمْ يَكُنْ لِمَصْلَحَةِ الصَّغِيرِ كَكَوْنِهَا ذَاتَ مَالٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ شَرَفٍ يَكْتَسِبُهُ أَوْ قَرَابَةٍ فَتَحْسُنُ عِشْرَتُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ، وَبَعْدَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ ظُهُورِهَا فِي الْوَصِيِّ، وَأَمَّا الْأَبُ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا فَالْمَصْلَحَةُ فِي طَلَاقِهَا لِتَسْقُطَ نَفَقَتُهَا مِنْ مَالِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ عَبْدُ الْبَاقِي.
وَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ، وَالْمَجْنُونِ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا بِلَا عِوَضٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ.
وَفِي الْخَطَّابِ عَنْ الرَّجْرَاجِيِّ أَنَّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ سَلْمُونٍ، وَيَرُدُّهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَاللَّخْمِيِّ يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَى السَّفِيهِ الْبَالِغِ، وَالصَّغِيرِ دُونَ شَيْءٍ يُؤْخَذُ لَهُ فَقَدْ يَكُونُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ فَسَادَ الْأَمْرِ جَهِلَ قَبْلِ إنْكَاحِهِ أَوْ حَدَثَ بَعْدُ مِنْ كَوْنِ الزَّوْجَةِ غَيْرَ مَحْمُودَةِ الطَّرِيقَةِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.
وَأَجَبْت عَنْهُ أَيْضًا بِمَا نَصُّهُ: ذَكَرَ أَئِمَّتُنَا أَنَّ وَصِيَّ الصَّغِيرِ لَا يُزَوِّجُهُ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ عَائِدَةٍ عَلَى نَفْسِ الصَّغِيرِ ظَاهِرَةٍ كَكَوْنِ الْمَرْأَةِ ذَاتَ مَالٍ أَوْ شَرَفٍ أَوْ قَرَابَةٍ لَهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إنْ زَوَّجَهُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ كَذَلِكَ يَفْسَخُ، وَالْمَذْكُورُ فِي السُّؤَالِ أَنَّهُ زَوَّجَهُ بِهَا نَظَرًا لِخِدْمَتِهَا فِي الْبَيْتِ، وَهِيَ لَيْسَتْ مِنْ مَصَالِحِ الصَّبِيِّ إنَّمَا هِيَ مِنْ مَصَالِحِ الْوَلِيِّ فَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ فَسْخُ نِكَاحِ الصَّبِيِّ فَلَمَّا طَلَّقَهَا عَلَيْهِ نَفَذَ طَلَاقُهَا، وَبَانَتْ مِنْ الصَّبِيِّ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا فَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا الْكَبِيرُ لِنَفْسِهِ فَعَقْدُهُ صَحِيحٌ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ لَهُ أَخٌ يَتِيمٌ مَعَهُ فِي مَعِيشَةٍ وَاحِدَةٍ فَزَوَّجَهُ بِصَغِيرَةٍ قَرِيبَةٍ لَهُ ثُمَّ حَلِيَتْ فِي عَيْنِهِ فَطَلَّقَهَا عَلَيْهِ، وَعَقَدَ عَلَيْهَا لِنَفْسِهِ فَهَلْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الْيَتِيمِ، وَيُفْسَخُ عَقْدُ الرَّجُلِ عَلَيْهَا لِنَفْسِهِ، وَيَلْزَمُهُ مَهْرُ مِثْلِهَا، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ مِنْهُ، وَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا، وَتَأْدِيبُ مَنْ أَفْتَى بِذَلِكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى زَوْجَةِ الصَّبِيِّ فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى عِصْمَتِهِ لِعَدَمِ شَرْطِهِ، وَهِيَ مَصْلَحَةُ الصَّبِيِّ فَيَجِبُ فَسْخُ عَقْدِ الرَّجُلِ عَلَيْهَا لِنَفْسِهِ، وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْمَهْرِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهَا، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الرَّجُلِ، وَتِلْكَ الْمَرْأَةِ، وَرَدُّهَا لِزَوْجِهَا الْيَتِيمِ، وَتَأْدِيبُ مَنْ أَفْتَى الرَّجُلَ بِتَطْلِيقِهَا عَلَى الصَّبِيِّ، وَالْعَقْدِ عَلَيْهَا لِنَفْسِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ التَّأْدِيبَ اللَّائِقَ بِمِثْلِهِ لِتَجَرُّئِهِ عَلَى الشَّرِيعَةِ الشَّرِيفَةِ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ سَأَلَ قَاضِيًا، ثُمَّ عَالِمًا عَنْ قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَا تَدْخُلُ دَارَ أُمِّهَا، وَفِيهَا الْعَسْكَرِيُّ، ثُمَّ دَخَلَتْهَا، وَهُوَ فِيهَا فَأَفْتَيَاهُ بِالْحِنْثِ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الصِّيغَةَ الَّتِي صَدَرَتْ مِنْهُ لَا تَدْخُلُهَا