للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْجُزُولِيُّ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا نَفَقَةَ لِلنَّاشِزِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ: لَهَا النَّفَقَةُ، وَهَذَا فِي بَلَدٍ لَا حُكْمَ فِيهِ، وَأَمَّا فِي بَلَدٍ فِيهِ الْحُكْمُ فَلَهَا النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَرْفَعْهَا فَقَدْ رَضِيَ، وَالنُّشُوزُ أَنْ تَخْرُجَ لِأَوْلِيَائِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ تَمْنَعَهُ مِنْ وَطْئِهَا.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي مُخَيَّرَةٍ تَخْيِيرًا مُطْلَقًا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِدُونِ الثَّلَاثِ فَاعْتَقَدَ زَوْجُهَا أَنَّهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَسُئِلَ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ فَمَاذَا يَلْزَمُهُ؟

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَقَدْ بَطَلَ التَّخْيِيرُ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَبَطَلَ فِي الْمُطْلَقِ إنْ قَضَتْ بِدُونِ الثَّلَاثِ الْخَرَشِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ إذَا خَيَّرَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ تَخْيِيرًا مُطْلَقًا أَيْ عَارِيًّا عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَدٍ فَأَوْقَعَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَإِنَّ خِيَارَهَا يَبْطُلُ، وَيَصِيرُ الزَّوْجُ مَعَهَا كَمَا كَانَ قَبْلَ تَخْيِيرِهِ لَهَا، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهَا عَدَلَتْ عَمَّا جَعَلَهُ الشَّارِعُ لَهَا فِي التَّخْيِيرِ الْمُطْلَقِ، وَهُوَ الثَّلَاثُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي زَوْجَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا حِينَ تَشَاجُرِهِمَا أَعْطِنِي كَلِمَتِي فَقَالَ: لَهَا كَلِمَتُك مَعَك فَقَالَتْ: أَنَا طَالِقٌ أَنَا طَالِقٌ أَنَا طَالِقٌ فَوْرًا فَهَلْ يَكُونُ الثَّانِي، وَالثَّالِثُ تَأْكِيدًا أَوْ تَأْسِيسًا، وَهَلْ لِلزَّوْجِ مُنَاكَرَتُهَا فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ الثَّانِي، وَالثَّالِثُ تَأْسِيسٌ إنْ لَمْ تَنْوِ التَّأْكِيدَ فَإِنْ كَانَتْ نَوَتْهُ فَهُمَا تَأْكِيدٌ، وَلَهُ مُنَاكَرَتُهَا فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ إنْ كَانَ نَوَى طَلْقَةً وَاحِدَةً بِقَوْلِهِ كَلِمَتُك مَعَك، وَبَادَرَ لِلْمُنَاكِرَةِ عِنْدَ سَمَاعِهِ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدَةِ، وَحَلَفَ عَلَى تِلْكَ النِّيَّةِ، وَإِنْ عَدَمَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَلَيْسَ لَهُ مُنَاكَرَتُهَا.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا الْعِصْمَةُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا كَالْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ هَلْ مُرَادُهُمْ الْخِلَافُ فِي الْمَذْهَبِ، وَخَارِجِهِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ قُوَّةُ الْخِلَافِ؟

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ مُرَادُهُمْ الْخِلَافُ فِي الْمَذْهَبِ، وَخَارِجِهِ، وَيُشْتَرَطُ قُوَّةُ دَلِيلِ الْمُخَالِفِ ابْنُ عَرَفَةَ سُئِلَتْ بِمَا حَاصِلُهُ اسْتِنَادُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ إلَى رَعْيِ الْخِلَافِ، وَجَعْلِهِ قَاعِدَةً مَعَ أَنَّهُمْ لَا يَعْتَبِرُونَهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مُشْكِلٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

الْأَوَّلُ: إنْ كَانَ حَجَّةً عَمَّ، وَإِلَّا بَطَلَ، وَلَزِمَ ضَبْطُ تَخْصِيصِهِ بِمَوْضِعٍ دُونَ آخَرَ.

الثَّانِي: عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ مَا دَلِيلُهُ شَرْعًا، وَعَلَى أَيِّ قَاعِدَةٍ مِنْ الْأُصُولِ يَنْبَنِي فَإِنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوهُ مِنْهَا.

الثَّالِثُ: الْوَاجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ اتِّبَاعُ دَلِيلِهِ إنْ اتَّحَدَ أَوْ رَاجِحُهُ إنْ تَعَدَّدَ، وَقَوْلُهُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ إعْمَالٌ لِدَلِيلِ غَيْرِهِ دُونَ دَلِيلِهِ فَأَجَبْت بِقَوْلِي تَصَوُّرُ رَعْيِ الْخِلَافِ سَابِقٌ عَلَى مُطْلَقِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فَرَعْيُ الْخِلَافِ عِبَارَةٌ عَنْ إعْمَالِ دَلِيلِ الْخَصْمِ فِي لَازِمِ مَدْلُولِهِ الَّذِي أُعْمِلَ فِي نَقِيضِهِ دَلِيلٌ آخَرُ كَإِعْمَالِ مَالِكٍ دَلِيلَ خَصْمِهِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ فَسْخِ نِكَاحِ الشِّغَارِ فِي لَازِمِ مَدْلُولِهِ، وَمَدْلُولُهُ عَدَمُ فَسْخِهِ، وَلَازِمُهُ ثُبُوتُ الْإِرْثِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِيهِ، وَهَذَا الْمَدْلُولُ أُعْمِلَ فِي نَقِيضِهِ، وَهُوَ الْفَسْخُ دَلِيلٌ آخَرُ، وَهُوَ فَسْخُهُ.

إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ: أَنْ نَقُولَ هُوَ حُجَّةٌ فِي مَوْضِعٍ دُونَ آخَرَ، وَضَابِطُهُ رُجْحَانُ دَلِيلِ الْمُخَالِفِ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ عَلَى دَلِيلِهِ فِي لَازِمِ مَقُولِ الْمُخَالِفِ كَرُجْحَانِ دَلِيلِ الْمُخَالِفِ فِي ثُبُوتِ الْإِرْثِ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى دَلِيلِ ذَلِكَ فِي لَازِمِ مَدْلُولِ دَلِيلِهِ، وَهُوَ نَفْيُ الْإِرْثِ، وَثُبُوتُ الرُّجْحَانِ، وَنَفْيُهُ بِحَسَبِ الْمُجْتَهِدِ فِي الْمَسْأَلَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا دَلِيلُهُ شَرْعًا فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>