مَا أَفَادَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ أَنَّ خُلْعَ الْمُجْبِرِ مَاضٍ لَازِمٌ لِلزَّوْجَةِ فَلَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ بِالْمُخَالَعِ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ، وَلَا عَلَى الْمُجْبِرِ، وَخُلْعُ غَيْرِهِ وَلِيًّا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا غَيْرَ لَازِمٍ لَهَا فَلَهَا الرُّجُوعُ بِالْمُخَالَعِ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ، وَفِي رُجُوعِ الزَّوْجِ بِمَا غَرِمَهُ لَهَا عَلَى مَنْ عَقَدَ الْخُلْعَ مَعَهُ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ، وَعَاقِدُ الْخُلْعِ فِي النَّازِلَةِ لَيْسَ مُجْبَرًا فَخُلْعُهُ لَيْسَ لَازِمًا لِلزَّوْجَةِ فَلَهَا الرُّجُوعُ بِالْمُخَالَعِ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ فَإِنْ رَجَعَتْ بِهِ عَلَيْهِ فَفِي رُجُوعُهُ عَلَى الْكَافِلِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ.
وَقَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَنَصُّهُ: وَفِيهَا لِلْأَبِ أَنْ يُخَالِعَ عَلَى ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ بِإِسْقَاطِ كُلِّ الْمَهْرِ، وَإِنْ خَالَعَ بِهِ عَنْهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ قَبْلَ بُلُوغِهَا جَازَ عَلَيْهَا كَالْبِكْرِ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا تَأَيَّمَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ، ثُمَّ بَلَغَتْ فَقِيلَ: يَجْبُرُهَا عَلَى النِّكَاحِ فَعَلَيْهِ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهَا، وَقِيلَ: لَا يَجْبُرُهَا فَلَا يُخَالِعُ عَنْهَا، وَفِي خُلْعِ الْوَصِيِّ عَنْ يَتِيمَتِهِ، وَإِنْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا قَبْلَ إيصَائِهِ إلَيْهِ لِرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ إجَازَةَ مَالِكٍ ذَلِكَ إذَا كَانَ نَظَرًا مَعَ قَوْلِ أَصْبَغَ إنْ خَالَعَ عَمَّنْ فِي وِلَايَتِهِ بِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِفَسَادٍ وَقَعَ أَوْ ضَرَرٍ، وَلِرِوَايَتِهَا وَلِعِيسَى عَنْ رُجُوعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَى جَوَازِ مُبَارَأَةِ الْوَصِيِّ، وَالسُّلْطَانِ عَلَى الصَّغِيرَةِ إنْ كَانَ حَسَنَ نَظَرٍ، وَهُوَ أَحْسَنُ، وَعَلَى الثَّانِي الْمَشْهُورِ قَالَ ابْنُ فَتْحُونٍ وَالْمُتَيْطِيُّ: لِلْمَحْجُورَةِ أَنْ تُخَالِعَ بِإِذْنِ وَلِيِّهَا أَوْ وَصِيِّهَا، وَيَقُولُ بَعْدَ إذْنِهِ لِمَا رَآهُ مِنْ الْغِبْطَةِ.
وَفِي اخْتِصَارِ الْوَاضِحَةِ قَالَ فَضْلٌ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: تَجُوزُ مُبَارَأَةُ الْوَصِيِّ عَنْ الْبِكْرِ بِرِضَاهَا.
قُلْت فَالْأَرْجَحُ عَقْدُهُ عَلَى الْوَصِيِّ بِرِضَاهَا لَا عَلَيْهَا بِإِذْنِهِ خِلَافَ قَصْرِهِ بَعْضُهُمْ عَلَيْهَا بِإِذْنِهِ اتِّبَاعًا لِلَفْظِ الْمُوَثِّقِينَ، وَأَظُنُّهُ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا، وَعَلَيْهِ لَوْ بَارَأَ غَيْرُ الْأَبِ عَنْ الْبِكْرِ قَالَ فِي اخْتِصَارِ الْوَاضِحَةِ: الطَّلَاقُ نَافِذٌ، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِمَا يَرُدُّهُ لِلزَّوْجَةِ عَلَى مَنْ بَارَأَهُ عَنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ضَمَانَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَلِّي، وَضْعَهُ عَنْهُ، وَفِي خُلْعِ الْأَبِ عَنْ ابْنَتِهِ الثَّيِّبِ فِي حِجْرِهِ كَالْبِكْرِ، وَوَقْفِهِ عَلَى إذْنِهِ اخْتِيَارُ الْمُتَيْطِيِّ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ زَمَنِينَ قَائِلًا عَلَيْهِ جَرَتْ عَادَةُ فُتْيَا شُيُوخِنَا، وَفُقَهَائِنَا، وَاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ، وَقَوْلِ ابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْهِنْدِيِّ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُوَثِّقِينَ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ابْنُ سَلْمُونٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ، وَلَا وَصِيٌّ مِنْ قِبَلِ أَبٍ أَوْ سُلْطَانٍ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَيْهَا إذَا كَانَ مَا صَالَحَتْهُ بِهِ صُلْحُ مِثْلِهَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سَحْنُونَ، وَبِهِ الْقَضَاءُ، وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سَعْدُونٍ فِي شَرْحِهِ لِرِزْمَةِ النِّكَاحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا اشْتَرَطَ فِي هَذِهِ الْيَتِيمَةِ الَّتِي لَا، وَصِيَّ لَهَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَصِحَّ لَهُ الْخُلْعُ عَلَى مَا وَقَعَ فَالْعِصْمَةُ بَاقِيَةٌ غَيْرُ مُنْفَصِلَةٍ فَإِنَّ شَرْطُهُ يَنْفَعُهُ فَمَتَى طَلَبَتْ مَا أَخَذَ كَانَتْ زَوْجَةً لَهُ كَمَا كَانَتْ اهـ.
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ الْقَاسِمِ إنْ صَالَحَتْ الصَّبِيَّةُ الَّتِي تُوطَأُ، وَلَمْ تَبْلُغْ الْمَحِيضَ بِمَالٍ دَفَعَتْهُ لِلزَّوْجِ جَازَ، وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ، وَكَانَ لَهُ مَا أَعْطَتْهُ ابْنُ رُشْدٍ مِثْلَهُ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ، وَزَادَ إنْ أَعْطَتْهُ مَالًا يُخْتَلَعُ بِهِ مِثْلُهَا رُدَّ جَمِيعُهُ، وَنَفَذَ طَلَاقُهَا، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ مُحَمَّدٍ مَعْرُوفُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا رَدُّ الْمَالَ، وَإِمْضَاءُ الْخُلْعِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْوَاضِحَةِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ إذَا كَانَ مَا خَالَعَتْ بِهِ لَيْسَ خُلْعَ مِثْلِهَا إنَّمَا الْخِلَافُ فِي خُلْعِ مِثْلِهَا فَالْقَوْلُ بِنُفُوذِهِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ نَظَرٍ لَوْ ادَّعَى لَهُ الْوَصِيُّ ابْتِدَاءَ فِعْلِهِ، وَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ.
وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَقِبَهَا قَالَ سَحْنُونٌ إنْ كَرِهَتْ الْيَتِيمَةُ الْبَالِغَةُ زَوْجَهَا فَافْتَدَتْ مِنْهُ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute