للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَوْلَيْنِ وَشَهْرَيْنِ، وَلَمْ يَسْتَغْنِ بَيْنًا عَنْ اللَّبَنِ بِحَيْثُ لَا يَقُومُ بِهِ إذَا رُدَّ لَهُ فَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ فَطِيمٌ فَإِنْ اسْتَمَرَّ الْإِرْضَاعُ حَرُمَ مُطْلَقًا لِمُدَّتِهِ مِثْلَ النَّسَبِ مَفْعُولُ يَحْرُمُ اهـ.

وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَإِذَا أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ صَبِيًّا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا زَوْجٌ ثَانٍ، وَاللَّبَنُ مُسْتَصْحَبٌ فَاللَّبَنُ لَهُمَا مَعًا، وَإِذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ مُحْتَمَلٍ فَاللَّبَنُ لِمَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْوَلَدُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهُمَا مَعًا فَإِنْ كَانَ مِنْ وَطْءٍ يُحَدُّ فِيهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ أَمْ لَا فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ، وَالرَّضَاعُ كَالنَّسَبِ يَحْرُمُ مِنْهُ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ فَإِنْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ صَبِيًّا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا أُمُّهُ وَحُرِّمَ عَلَيْهِ جَمِيعُ بَنَاتِهَا اللَّاتِي أَرْضَعَتْهُنَّ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتُهُ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ قَرَابَاتِهَا هُمْ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ قَرَابَاتِ أُمِّهِ مِنْ النَّسَبِ وَصَاحِبُ اللَّبَنِ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخَوَاتُهُ لِأَنَّهُنَّ عَمَّاتُهُ وَأُمُّهُ وَبَنَاتُهُ، وَإِنْ كُنَّ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعَةِ لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتُهُ لِأَبِيهِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ قَرَابَاتِهِ هُمْ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ قَرَابَاتِ أَبِيهِ مِنْ النَّسَبِ فَقِسْ عَلَى ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَخُو الطِّفْلِ الْمُرْضَعِ مِنْ النَّسَبِ أُخْتَ الْمُرْضِعِ وَأُمَّهُ مِنْ الرَّضَاعِ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ، وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ الطِّفْلُ الْمُرْضِع خَاصَّةً وَلَدًا لِصَاحِبَةِ اللَّبَنِ وَصَاحِبِهِ، وَمَنْ أَرْضَعَتْ طِفْلًا كَانَ زَوْجُهَا حُرِّمَتْ عَلَى صَاحِبِ اللَّبَنِ لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ، وَمَنْ أَبَانَ صَغِيرَةً حُرِّمَ عَلَيْهِ مَنْ يُرْضِعُهَا لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ، وَالرَّضَاعُ الَّذِي يُحَرِّمُ هُوَ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ، وَمَا قَارَبَهُمَا كَالشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ فَإِنْ فُطِمَ فِي نَفْسِ الْحَوْلَيْنِ أَوْ بَعْدَهُمَا، وَاسْتَغْنَى عَنْ الرَّضَاعِ ثُمَّ وَقَعَ الرَّضَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَحْرُمُ.

وَيُعْتَبَرُ مَا وَصَلَ لِلْجَوْفِ بِرَضَاعٍ أَوْ سَعُوطٍ أَوْ كُحْلٍ أَوْ وَجُورٍ غَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي الْحُقْنَةِ قَوْلَانِ، وَسَوَاءٌ كَانَ اللَّبَنُ مِنْ حَيَّةٍ أَوْ مَيِّتَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ يَائِسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا لِصِغَرِهَا فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ، وَكَذَلِكَ لَبَنُ الذُّكُورِ وَالْبَهَائِمِ لَا يُعْتَبَرُ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مُخْتَلِطًا بِمَاءٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ دَوَاءٍ حَتَّى اُسْتُهْلِكَتْ عَيْنُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يُسْتَهْلَكْ عَيْنُهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ، وَيَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِشَاهِدَيْنِ، وَبِامْرَأَتَيْنِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَاشِيًا مِنْ قَوْلِهِمَا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاشِيًا فَقَوْلَانِ، وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مِثْلُهُمَا، وَفِي الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ إذَا كَانَ ذَلِكَ فَاشِيًا مِنْ قَوْلِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ بِذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

الثَّانِي أَنَّهُ يُفْسَخُ بِذَلِكَ، وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ ابْنُ فَتْحُونٍ، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ التَّنَزُّهُ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ بِقَوْلِ أَجْنَبِيَّةٍ فَإِنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِذَلِكَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ كَانَ إقْرَارُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، وَعَلَيْهِ الصَّدَاقُ كَامِلًا فِي الْفَسْخِ بَعْدَهُ وَنِصْفٌ فِي الْفَسْخِ قَبْلَهُ إلَّا أَنْ تُوَافِقَهُ الزَّوْجَةُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِذَلِكَ، وَإِنْ أَقَرَّتْ بِذَلِكَ الزَّوْجَةُ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فُسِخَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَمْ يُفْسَخْ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ اهـ بِتَصَرُّفٍ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي امْرَأَةٍ فَطَمَتْ وَلَدَهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَعَ كَوْنِ أَبِيهِ يَدْفَعُ لَهَا أُجْرَةَ الرَّضَاعِ فَحَصَلَ لِلْوَلَدِ ضَعْفٌ إلَى أَنْ مَاتَ فَهَلْ عَلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ شَيْءٌ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ كَانَ إرْضَاعُهُ وَاجِبًا عَلَيْهَا لِعَدَمِ وُجُودِ مُرْضِعٍ غَيْرِهَا أَوْ عَدَمِ قَبُولِ الْوَلَدِ غَيْرَهَا، وَشَهِدَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ ضَعْفَهُ مِنْ الْفِطَامِ فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ وَتَغْرِيمُهَا دِيَتَهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا قَالَ عَبْدُ الْبَاقِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُئِلَ النَّاصِرُ عَمَّنْ طَلُقَتْ وَمَعَهَا وَلَدٌ عُمُرُهُ سَنَةٌ وَشَهْرٌ، وَفَرَضَ أَبُوهُ لِرَضَاعِهِ فَرْضًا فَفَطَمَتْهُ بَعْدَ نَحْوِ عِشْرِينَ يَوْمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>