مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقَالَتْ أُمُّهَا إنَّهَا رَضَعَتْ مَعَهُ، وَأَشَاعَتْ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ قَوْلِهَا وَقَالَتْ كُنْت كَارِهَةً تَزَوُّجَهُ لَهَا فَمَا الْحُكْمُ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ يُنْدَبُ لَهُ عَدَمُ تَزَوُّجِهِ بِهَا قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ بِخِلَافِ أُمِّ أَحَدِهِمَا فَالتَّنَزُّهُ قَالَ الْخَرَشِيُّ يَعْنِي: أَنَّ أُمَّ أَحَدِهِمَا إذَا قَالَتْ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ هَذَا رَضَعَ مَعَ ابْنَتِي فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ حِينَئِذٍ التَّنَزُّهُ فَقَطْ، وَلَيْسَتْ كَالْأَبِ، وَلَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً خِلَافًا لِأَبِي إِسْحَاقَ قَائِلًا لِأَنَّهَا تَصِيرُ حِينَئِذٍ كَالْعَاقِدِ لِلنِّكَاحِ فَتَكُونُ كَالْأَبِ اهـ.
قَالَ الْعَدَوِيُّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَرْجِعَ وَتَقُولَ كُنْت كَاذِبَةً أَوْ تَسْتَمِرَّ عَلَى إقْرَارِهَا، وَسَوَاءٌ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ قَالَتْهُ اعْتِذَارًا أَمْ عَلَى حَقِيقَتِهِ هَذَا، وَرَجَّحَ مُحَشِّي التَّتَّائِيِّ أَنَّ قَوْلَ الْأُمِّ قَبْلَ الْعَقْدِ يُحَرِّمُ إنْ فَشَا مِنْ قَوْلِهَا، وَلَمْ تُكَذِّبْ نَفْسَهَا ظَاهِرُهُ، وَلَوْ وَصِيَّةً، وَهُوَ كَذَلِكَ. وَقِيلَ الْوَصِيَّةُ كَالْأَبِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الرَّمَاصِيِّ تَبَعُ التَّتَّائِيِّ فِي تَقْرِيرِهِ قَوْلِهِ بِخِلَافِ أُمِّ أَحَدِهِمَا بِمَنْ أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا، وَقَوْلُهُ لَا بِامْرَأَةٍ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ الْمُدَوَّنَةِ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ أُمَّ أَحَدِهِمَا الَّتِي لَمْ تُكَذِّبْ نَفْسَهَا لَيْسَ حُكْمُهَا كَذَلِكَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْأُمُّ إنْ اسْتَمَرَّتْ تَقُولُ أَرْضَعْت فُلَانَةَ فَلَمَّا كَبِرَتْ أَرَادَ الِابْنُ تَزَوُّجَهَا فَلَا يَفْعَلُ اهـ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِهِ نَهْيَ تَحْرِيمٍ أَوْ تَنْزِيهٍ، وَالْأُمُّ كَغَيْرِهَا ثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ وَصِيًّا ثُمَّ قَالَ فِي سَمَاعِ يَحْيَى إنْ فَشَا قَوْلُهَا حُرِّمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا فَقَدْ اعْتَضَدَ التَّحْرِيمُ بِمُوَافَقَةِ سَمَاعِ يَحْيَى فَهُوَ الرَّاجِحُ فَلِذَا قَيَّدَ التَّتَّائِيُّ قَوْلَهُ لَا بِامْرَأَةٍ بِالْأَجْنَبِيَّةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، فَتَحَصَّلَ أَنَّ إخْبَارَ أُمِّ الصَّغِيرِ بِالرَّضَاعِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: يُحَرِّمُ، لَا يُحَرِّمُ، يُحَرِّمُ إنْ كَانَتْ وَصِيًّا، وَمَحَلُّهَا إنْ لَمْ تَرْجِعْ عَنْهُ، وَإِلَّا فَلَا اتِّفَاقًا هَذَا تَحْرِيرُ مَا فِي هَذَا الْمَقَامِ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَهُ بِنْتَ خَلِيطِهِ فِي الْعِشْرَةِ مَعَ الشَّكِّ فِي أُخُوَّتِهِمَا رَضَاعًا، وَإِخْبَارِ أُمِّ الْبِنْتِ بِالرَّضَاعِ بَعْدَ إخْبَارِهَا بِعَدَمِهِ، وَإِخْبَارِ جَدَّةِ الِابْنِ بِهِ مَعَ تَرَدُّدِ أُمِّهِ فِيهِ بَعْدَ إخْبَارِهَا بِعَدَمِهِ فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ تُسْأَلُ أُمُّ الْبِنْتِ، وَجَدَّةُ الِابْنِ عَنْ الرَّضَاعِ الَّذِي أَخْبَرَتَا بِهِ فَإِنْ تَحَقَّقْنَاهُ، وَفَشَا مِنْ قَوْلِهِمَا فَلَا يَجُوزُ عَقْدُ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ وَقَعَ فَسْخٌ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا وُجُوبًا لِثُبُوتِ الرَّضَاعِ بِشَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقَاهُ فَعَقْدُ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا شُبْهَةٌ يُسْتَحَبُّ اجْتِنَابُهُمَا، وَقَدْ «أَخْبَرَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَأَخْبَرَتْهُ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ بِأَنَّهَا أَرْضَعَتْهُمَا، فَتَبَسَّمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ، وَقَالَ الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُتَشَابِهَاتٌ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ» .
وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ شَهِدَ بِرَضَاعِ الزَّوْجَيْنِ أُمَّهَاتُهُمَا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فَشَا مِنْ قَوْلِهِمَا قَبْلَ النِّكَاحِ ابْنُ عَرَفَةَ فَهُمَا كَالْأَجْنَبِيَّتَيْنِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَخَلِيلٍ، وَنَدَبَ التَّنَزُّهَ مُطْلَقًا عَبْدُ الْبَاقِي فِي كُلِّ شَهَادَةٍ لَا تُوجِبُ فِرَاقًا كَشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَوْ أَجْنَبِيَّةً أَوْ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ عَدْلًا أَوْ امْرَأَتَيْنِ بِلَا فُشُوٍّ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَمَعْنَى التَّنَزُّهِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَهَا أَوْ يُطَلِّقَهَا إنْ كَانَتْ زَوْجَةً لَهُ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الطَّعْنِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا لِابْنِ عَمِّهَا ثُمَّ قَالَتْ أُمُّهَا أَرْضَعْت الزَّوْجَ، وَلَمْ أَعْلَمْ بِعَقْدِهِ فَهَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute