للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي اتِّهَامِهِ فِي التَّتْمِيمِ فَقَطْ نَعَمْ يَغْرَمُ لَهُ مِائَةً حَالَّةً لِيَسْتَوِيَا فِي التَّالِفِ لِتَعَلُّقِ ضَمَانِ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ بِمُجَرَّدِ الْخَلْطِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَكِيلٌ عَنْ الْآخَرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَزِمَتْ الشَّرِكَةُ بَدَلَهَا عُرْفًا وَالضَّمَانُ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ لَا يَخْلِطَا مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَغَيْرُهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْخَلْطُ وَيَشْمَلُ الْخَلْطَ الْحُكْمِيَّ كَجَعْلِ صُرَّتَيْهِمَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَالتَّالِفُ عَلَى رَبِّهِ ثُمَّ قَالَ وَصُدِّقَ أَيْ الشَّرِيكُ بِيَمِينٍ فِي التَّلَفِ إلَّا لِقَرِينَةٍ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي ثَلَاثَةِ إخْوَةٍ فِي مَعِيشَةٍ وَاحِدَةٍ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ ذَكَرَيْنِ بَالِغٍ وَصَبِيٍّ وَخَلَّفَ عَقَارًا وَغَيْرَهُ وَصَارَ الْأَخَوَانِ الْبَاقِيَانِ يَتَصَرَّفَانِ مَعَ ابْنِ أَخِيهِمَا الْبَالِغِ فِيمَا يَخُصُّهُمَا وَفِيمَا تَرَكَهُ الْمَيِّتُ فَيَبِيعُونَ شَيْئًا وَيُجَدِّدُونَ غَيْرَهُ وَيَزْرَعُونَ الْأَرْضَ وَيَبِيعُونَ مَا يَفْضُلُ مِنْ رِبْحِهَا وَيَحُوزُونَ أَطْيَانًا يَسْقُطُ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ حَقُّهُ فِيهَا فِي نَظِيرِ دَرَاهِمَ يَدْفَعُونَهَا لَهُ وَيَكْتُبُونَ بِهَذَا الْإِسْقَاطِ وَثَائِقَ وَيَجْعَلُونَ لِوَلَدَيْ الْأَخِ الْبَالِغِ وَالصَّبِيِّ الثُّلُثَ عَلَى حُكْمِ مَا وَرِثَاهُ عَنْ أَبِيهِمَا وَلِكُلٍّ مِنْ الْعَمَّيْنِ الثُّلُثُ وَبَنَوْا سَاقِيَةً وَكَتَبُوا وَثِيقَةً بِمَا يَخُصُّ الْأَخَوَيْنِ وَمَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَمَّيْنِ ثُمَّ مَاتَ الْعَمَّانِ وَخَلَّفَ كُلٌّ ابْنًا وَبَقِيَتْ أَوْلَادُ الْأَعْمَامِ أَيْضًا فِي مَعِيشَةٍ وَاحِدَةٍ يَتَصَرَّفُونَ كَمَا كَانَ آبَاؤُهُمْ وَيَحُوزُونَ عَقَارًا وَبَنَوْا مُبِلَّةً لِعَطِنِ الْكَتَّانِ وَكَتَبُوا بِهَا وَثِيقَةً وَبَيَّنُوا فِيهَا لِلْأَخَوَيْنِ الثُّلُثَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدَيْ عَمَّيْهِمَا الثُّلُثَ وَاسْتَمَرُّوا عَلَى ذَلِكَ مُدَّةً مِنْ السِّنِينَ ثُمَّ اقْتَسَمُوا وَأَخَذَ الْأَخَوَانِ الثُّلُثَ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدَيْ الْعَمِّ الثُّلُثَ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنْ بُلُوغِ الْأَخِ الصَّبِيِّ طَلَبَ أَنْ يُقَاسِمَ أَخَاهُ فِي الثُّلُثِ الَّذِي خَصَّهُمَا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ فَامْتَنَعَ الْأَخُ الْبَالِغُ يَوْمَ مَوْتِ أَبِيهِ وَأَرَادَ أَنْ يَخْتَصَّ بِجَمِيعِ مَا تَجَدَّدَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ فَهَلْ يُجَابُ الْأَوَّلُ، أَوْ الثَّانِي أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، يُجَابُ الْأَوَّلُ لِلْقِسْمَةِ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ فِي جَمِيعِ الثُّلُثِ الَّذِي خَصَّهُمَا فِي مُقَاسَمَةِ وَلَدَيْ عَمَّيْهِمَا وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا الْبَالِغُ يَوْمَ مَوْتِ أَبِيهِ ثُمَّ إنْ جَرَى عُرْفُهُمْ بِعَدَمِ الْمُشَاحَنَةِ بَيْنَ الْإِخْوَةِ وَعَمِلَ أَحَدُهُمْ لِلْآخَرِ مَجَّانًا فَلَا شَيْءَ لِمَنْ كَانَ بَالِغًا عَلَى مَنْ كَانَ صَبِيًّا وَإِنْ جَرَى بِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ إلَّا بِأُجْرَةٍ رَجَعَ مَنْ كَانَ بَالِغًا عَلَى مَنْ كَانَ صَبِيًّا بِأُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِ لَهُ فِيمَا بَيْنَ مَوْتِ أَبِيهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى الْعَمَلِ بِنَظَرِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَحِينَئِذٍ يُحْسَبُ عَلَى مَنْ كَانَ بَالِغًا مَا أَنْفَقَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي نَحْوِ زَوَاجٍ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي عَمَلِ الْوَلَدِ مَعَ وَالِدِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ الشَّيْخُ الدُّسُوقِيُّ فِي الْحَاشِيَةِ قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّهُ إذَا اتَّجَرَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فِي التَّرِكَةِ فَمَا حَصَلَ مِنْ الْغَلَّةِ فَهُوَ تَرِكَةٌ وَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَوَّلًا أَنَّهُ يَتَّجِرُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ بَيَّنَ أَوَّلًا كَانَتْ لَهُ الْغَلَّةُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ إلَّا الْقَدْرُ الَّذِي تَرَكَهُ مُوَرِّثُهُمْ انْتَهَى.

وَذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْوَصِيَّ إنْ اتَّجَرَ فِي التَّرِكَةِ لِلصَّبِيِّ وَرَبِحَ ثُمَّ طَرَأَ وَارِثٌ آخَرُ فَإِنَّهُ يُشَارِكُ الصَّبِيَّ فِي التَّرِكَةِ وَرِبْحِهَا وَإِنْ طَرَأَ رَبُّ دَيْنٍ أَخَذَ التَّرِكَةَ وَرِبْحَهَا قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي انْفَصَلَ عَنْهُ شَيْخُ شُيُوخِنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْأَيْتَامِ لَا لِرَبِّ الدَّيْنِ وَأَنَّ مَا فِي الرَّمَاصِيِّ غَيْرُ صَحِيحٍ قَالَهُ الْبُنَانِيُّ وَقَوَّاهُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ سَلَفَهُ لِلْأَيْتَامِ كَسَلَفِهِ لِنَفْسِهِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْوَرَثَةِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَقَعُ ذَلِكَ كَثِيرًا انْتَهَى

<<  <  ج: ص:  >  >>