الْأَوَّلُ، أَوْ كَرِهَ وَلَهُمْ تَفْلِيسُ مَدِينِهِمْ إنْ كَانَ مَجْمُوعُ مَا أَخَذَهُ الْأَوَّلُ وَمَا أَبْقَاهُ أَقَلَّ مِنْ مَجْمُوعِ دُيُونِهِمْ وَأَمَّا طَلَبُ دُيُونِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَفْلِيسٍ فَهُوَ لَهُمْ وَلَوْ كَانَ مَا بِيَدِهِ أَضْعَافَ دُيُونِهِمْ بِشَرْطِ الْحُلُولِ وَإِنْ كَانَ تَحْتَ يَدِ الْأَوَّلِ رَهْنٌ فَازَ بِهِ لَا بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الْأَمْتِعَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُقَدِّمُ فِي وَفَاءِ دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِ ذَلِكَ الرَّهْنِ وَالزَّائِدُ إنْ كَانَ يَتَحَاصُّ فِيهِ بَاقِيهِمْ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ لِلْغَرِيمِ مَنْعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ إعْطَاءِ غَيْرِهِ كُلَّ مَا بِيَدِهِ قَالَ الْخَرَشِيُّ مَعْنَى أَحَاطَ زَادَ، أَوْ سَاوَى.
وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمِدْيَانَ إذَا أَعْطَى كُلَّ مَا بِيَدِهِ لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ فَإِنَّ لِلْبَاقِي أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ وَيَرُدُّوا فِعْلَهُ جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ الْأَجَلُ قَدْ حَلَّ وَمِثْلُ الْكُلِّ مَا إذَا بَقِيَ بِيَدِهِ فَضْلَةٌ لَا يُعَامِلُهُ النَّاسُ عَلَيْهَا اهـ بِتَصَرُّفٍ.
وَفِي الْمَجْمُوعِ وَمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَلَوْ سَاوَى عَلَى الْأَظْهَرِ مُنِعَ إعْطَاؤُهُ بَعْضَ الْغُرَمَاءِ مَا لَا يُعَامِلُ بَعْدَهُ كَكُلِّ مَا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ وَفَلَّسَ الْحَاكِمُ إنْ طَلَبَ ذَلِكَ غَرِيمٌ وَحَلَّ الدَّيْنُ وَأَحَاطَ بِمَالِهِ وَلَمْ يَأْتِ بِحَمِيلِ مَالٍ وَمَطْلٍ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا نَصُّهُ) مَا قَوْلُكُمْ فِي رَجُلٍ اقْتَرَضَ مِنْ أُخْتِهِ دَرَاهِمَ وَاشْتَرَى بِهَا جَارِيَةً وَوَطِئَهَا فَحَمَلَتْ وَوَلَدَتْ أَوْلَادًا وَطَالَبَتْهُ بِدَيْنِهَا فَعَرَضَ لَهَا الْجَارِيَةَ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُفْلِسٌ فَهَلْ لَهَا شِرَاؤُهَا وَهَلْ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِآخَرَ وَطَالَبَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِبَيْعِ الْجَارِيَةِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَحَاصَّ مَعَهَا أَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ كَانَ حَمْلُ الْجَارِيَةِ سَابِقًا عَلَى تَعْرِيضِهَا لِلْبَيْعِ وَالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا لِلدَّيْنِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي مَيِّتٍ عَنْ عَقَارٍ وَأَرْضِ زِرَاعَةٍ وَغَيْرِهِمَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ ذَلِكَ إلَّا أَرْضَ الزِّرَاعَةِ وَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ اسْتِيفَاءَ بَقِيَّةِ حَقِّهِمْ مِنْهَا فَهَلْ يُمَكَّنُونَ مِنْهُ؟ وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ يَمْلِكُونَ الْأَرْضَ، أَوْ يَنْتَفِعُونَ بِهَا إلَى أَنْ يَسْتَوْفُوا بَقِيَّةَ حَقِّهِمْ وَإِذَا ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَنَّ الدَّيْنَ سَبَبُهُ أَرْضُ الزِّرَاعَةِ وَأَرَادَ أَخْذَ نَصِيبِهِ مِنْ التَّرِكَةِ غَيْرِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ وَالدَّيْنُ يَكُونُ عَلَى مَنْ يَتَوَلَّى أَرْضَ الزِّرَاعَةِ فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يُمَكَّنُ الْغُرَمَاءُ مِنْ اسْتِيفَاءِ بَقِيَّةِ حَقِّهِمْ مِنْ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ جَبْرًا عَلَى الْوَرَثَةِ بِأَنْ تُكْرَى مُدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ يَأْخُذُهَا الْغُرَمَاءُ فِيمَا بَقِيَ لَهُمْ وَبَعْدَ تَمَامِهَا تَرْجِعُ لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَكْتَرِيهَا كَذَلِكَ أُسْقِطَ الْحَقُّ فِيهَا فِي نَظِيرِ دَرَاهِمَ يَأْخُذُهَا الْغُرَمَاءُ، أَوْ فِي نَظِيرِ الدَّيْنِ بِحَسَبِ
الْمَصْلَحَةِ
وَاجْتِهَادِ الْمُتَوَلِّي عَلَى التَّرِكَةِ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ كُلُّهُمْ رُشَدَاءَ تَصَرَّفُوا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ كَيْفَ شَاءُوا، وَإِذْ أُسْقِطَ الْحَقُّ فِيهَا فِي نَظِيرِ دَرَاهِمَ، أَوْ الدَّيْنِ اخْتَصَّ بِهَا الْمُسْقَطُ لَهُ أَبَدًا وَلَا تَرْجِعُ لِوَرَثَةِ الْمَدِينِ يَوْمًا مَا وَقَدْ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ خُلُوِّ الْوَقْفِ وَهَذَا مِنْهُ وَقَدْ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَاقِي وَالْعَلَّامَةُ الشَّبْرَخِيتِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الشَّاوِيُّ وَغَيْرُهُمْ بِأَنَّ أَرْضَ الزِّرَاعَةِ تُورَثُ وَوَجَّهَ ذَلِكَ الشَّيْخُ عُمَرُ الطَّحْلَاوِيُّ بِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوهَا بِالْخَلَوَاتِ وَبِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ وَالْمَصْلَحَةِ وَقَالَ خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ الْأَمِيرُ يَنْبَغِي الْفَتْوَى بِالْإِرْثِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْجَمَاعَةُ وَإِنْ خَالَفَتْ أَصْلَ الْمَذْهَبِ اتِّبَاعًا لِلْمَصْلَحَةِ وَمُرَاعَاةً لِمَنْ قَالَ بِالْمِلْكِ حَقِيقَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِصْرَ فُتِحَتْ صُلْحًا لَا عَنْوَةً وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَا وُرِّثَ يُوَفَّى بِهِ الدَّيْنُ وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْوَارِثِ فِيهِ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ وَلَا يُمَكَّنُ بَعْضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute