فُقَهَاءِ فَاسَ بِتَضْمِينِ الرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ، وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمِعْيَارِ قَبْلَ مَسَائِلِ السَّمَاسِرَةِ بِثَلَاثِ وَرَقَاتٍ وَمُرَادُهُ بِمَنْ أَفْتَى مِنْ فُقَهَاءِ فَاسَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَبْدُوسِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ وَفَرَّقَ الْوَنْشَرِيسِيُّ بَيْنَ الرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ وَالصَّانِعِ بِأَنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ أَجْرَوْا الرَّاعِيَ مَجْرَى الْحَمَّالِ إذَا حَمَلَ غَيْرَ الطَّعَامِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ تَعَدِّيهِ وَبِأَنَّ الرَّاعِيَ لَا يُؤَثِّرُ فِي أَعْيَانِ الْغَنَمِ مَثَلًا فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْأَمِينِ وَلَا يُشْبِهُ الصَّانِعَ وَبِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَقْدِرُ عَلَى الرَّعْيِ بِنَفْسِهِ فَلَيْسَتْ الضَّرُورَةُ عَلَى الرَّاعِي كَالضَّرُورَةِ فِي الصَّانِعِ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ أَشْبَعْتُ الْكَلَامَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمَا وَعَلَى مَنْ احْتَجَّ بِفَتْوَاهُمَا فِي إضَاءَةِ الْحَلِكِ. . . إلَخْ وَهُوَ طَوِيلٌ ذَكَرَ فِيهِ مَا يَزِيفُ بِهِ فَتْوَى الشَّيْخَيْنِ فَمَنْ أَرَادَهُ فَلْيَقِفْ عَلَيْهِ وَالظَّنُّ بِعُلَمَائِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ عِنْدَهُمْ مَا يُقَاوِمُ الْأُمُورَ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا الْوَنْشَرِيسِيُّ عَلَى رَدِّ فَتْوَى الشَّيْخَيْنِ وَمَنْ تَبِعَهُمَا.
(تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ) الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُشْتَرَكِ وَأَمَّا الْمَخْصُوصُ فَهُوَ عَلَى أَصْلِ الْأَمَانَةِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا بِتَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٍ. الثَّانِي يَجِبُ تَقْيِيدُ تَضْمِينِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ انْتَهَى كَلَامُ السَّلْجِمَاسِيِّ بِاخْتِصَارٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ أَجَرَ آخَرَ عَلَى حِرَاسَةِ الْفُولِ الْأَخْضَرِ أَوْ الْقَمْحِ مِنْ الزُّرْزُورِ أَوْ الْحَمَامِ فَأَكَلَهُ مِنْهُ فَهَلْ هَذَا الْعَقْدُ صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ وَيَسْتَحِقُّ الْمَجْعُولَ لَهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ هَذَا الْعَقْدُ الصَّحِيحُ إنْ اسْتَوْفَى شُرُوطَ الْإِجَارَةِ وَخَلَا عَنْ مَوَانِعِهَا يَسْتَحِقُّ الْمَجْعُولَ لَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِمَا تَلِفَ إلَّا إذَا ثَبَتَ تَفْرِيطُهُ فِي الْحِرَاسَةِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ سَلْمُونٍ فَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ حَارِسًا لِزَرْعِهِمْ فَيَكْتُبُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ عِنْدَنَا الْتَزَمَ فُلَانٌ حِرَاسَةَ زَرْعِ قَرْيَةِ كَذَا الصَّيْفِيِّ فِي عَامِ التَّارِيخِ مِنْ الْبَهَائِمِ السَّائِبَةِ وَالْأَيْدِي الْعَادِيَةِ وَالصَّيْدِ الْجَافِي وَالْقِيَامِ عَلَى ذَلِكَ لَيْلًا وَنَهَارًا بِأَبْلَغِ طَاقَتِهِ وَأَقْصَى مَجْهُودِهِ مِنْ الْآنَ إلَى نَضُوضِهِ بِأُجْرَةٍ مَبْلَغُهَا كَذَا مِنْ الطَّعَامِ يَسْتَوْفِيهَا مِنْ أَرْبَابِ الزَّرْعِ عِنْدَ دِرَاسَتِهِ أَوْ قَبَضَ مِنْهَا كَذَا وَالْبَاقِي لِأَمَدِ كَذَا وَعَلَيْهِ النَّصِيحَةُ فِي ذَلِكَ وَالِاجْتِهَادُ وَرَضِيَ بِذَلِكَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ وَكَتَبُوا لَهُ شَهَادَتَهُمْ هُنَا بِخُطُوطِهِمْ لِتَكُونَ شَاهِدَةً عَلَيْهِمْ بِرِضَاهُمْ بِذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا.
(بَيَانٌ) لَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَ فِي الْعَقْدِ الْأُجْرَةَ هَلْ هِيَ بِنِسْبَةِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الزَّرْعِ أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ مُجْمَلًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ فَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ مَا يُشَابِهُ ذَلِكَ مِنْ الْإِجَارَاتِ فَقِيلَ إنَّهَا تَكُونُ عَلَى الرُّءُوسِ وَقِيلَ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمْ مِنْ الزَّرْعِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ الْحَارِسُ لَا يَتَكَلَّفُ إلَّا النَّظَرَ خَاصَّةً فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَقْيَسُ، وَإِنْ كَانَ يَتَكَلَّفُ مَعَ ذَلِكَ عَمَلًا فِي الزَّرْعِ سِوَى النَّظَرِ فَالْقَوْلُ الثَّانِي أَقِيس وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ نُصَيْرٍ فِي الرُّفْقَةِ يَسْتَأْجِرُونَ مَنْ يَحْرُسُهُمْ مِنْ اللُّصُوصِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَالْأُجْرَةُ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ النَّاضِّ وَالْمَتَاعِ وَعَلَى قِيمَةِ الْمَتَاعِ.
وَفِي مَسَائِلَ ابْنِ الْحَاجِّ إذَا اتَّفَقَ الْجِيرَانُ عَلَى رَجُلٍ يَحْرُسُ جَنَّاتِهِمْ وَكُرُومَهُمْ أَوْ حَوَانِيتِهِمْ فَأَبَى بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ مَعَهُمْ قَالَ وَكَذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ فِي الدُّورِ يَتَّفِقُ الْجِيرَانُ عَلَى إصْلَاحِهَا وَيَأْبَى بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ قَالَ إلَّا أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْكَرْمِ أَنَا أَحْرُسُهُ أَوْ يَحْرُسُهُ غُلَامِي أَوْ أَخِي فَلَهُ ذَلِكَ وَبِذَلِكَ أَفْتَيْتُ وَسُئِلْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute