للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاجِبِهِ وَحِيزَ وَمَاتَ الْأَبُ وَالِابْنَانِ بَعْدَهُ وَتَرَكَا عَقِبًا كَثِيرًا وَعَقِبُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ مِنْ عَقِبِ الْآخَرِ وَفِي بَعْضِهِمْ حَاجَةٌ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ.

فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: الْوَاجِبُ فِي هَذَا الْحَبْسِ إذَا كَانَ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى مَا وَصَفْت أَنْ يُقَسَّمَ عَلَى أَعْقَابِ الْوَلَدَيْنِ جَمِيعًا عَلَى عَدَدِهِمْ، وَإِنْ كَانَ عَقِبُ الْوَلَدِ الْوَاحِدِ أَكْثَرَ مِنْ عَقِبِ الْآخَرِ بِالسَّوَاءِ إنْ اسْتَوَتْ حَاجَتُهُمْ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ فُضِّلَ ذُو الْحَاجَةِ مِنْهُمْ عَلَى مَنْ سِوَاهُ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ عَلَى حَسَبِ قِلَّةِ الْعِيَالِ وَكَثْرَتِهِمْ، وَلَا يَبْقَى بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا كَانَ بِيَدِ أَبِيهِ قَبْلَهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَعَرَضَ مَا قَالَهُ الْحَطَّابُ عَلَى اللَّقَانِيِّ فَكَتَبَ اعْلَمْ أَنَّ لَنَا مَسْأَلَتَيْنِ:

الْأُولَى وَقَفَ شَخْصٌ عَلَى وَلَدَيْهِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمَا.

وَالثَّانِيَةُ وَقَفَ شَخْصٌ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ فَأَمَّا الْأُولَى فَحُكْمُهَا أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ وَلَدَيْهِ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ أَوْ أَوْلَادِهِ فَقَطْ دُونَ أَوْلَادِ أَخِيهِ بِنَاءً عَلَى مَا حَقَّقَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ التَّرْتِيبَ مُعْتَبَرٌ بَيْنَ كُلِّ أَصْلٍ وَفَرْعِهِ فَقَطْ لَا بَيْنَ جُمْلَةِ الْأُصُولِ وَجُمْلَةِ الْفُرُوعِ فَلَا يَسْتَحِقُّ فَرْعٌ مَعَ أَصْلِهِ، وَلَا فَرْعُ غَيْرِهِ مَعَ فَرْعِهِ بَلْ يَنْحَصِرُ اسْتِحْقَاقُ نَصِيبِ كُلِّ أَصْلٍ فِي فَرْعِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ حَاجَةٌ بَلْ فَقِيرُ كُلِّ فَرْعٍ وَغَنِيُّهُ سَوَاءٌ وَلَوْ أَتَى الْمَوْتُ عَلَى جَمِيعِ الْأُصُولِ وَالْخُرُوجُ عَنْ هَذَا إذَا تَفَاوَتُوا أَيْ الْفُرُوعُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ إلَى السَّوِيَّةِ خُرُوجٌ عَمَّا شَرَطَ الْوَاقِفُ حَيْثُ رَتَّبَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أُصُولِهِمْ بِثُمَّ وَنَحْوِهَا، وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، وَهِيَ الْوَقْفُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ أَوْ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ التَّهْذِيبِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُخْتَصَرِ وَغَيْرِهِمْ وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْحَبْسِ عَلَى قَوْمٍ وَأَعْقَابِهِمْ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي مُرَتَّبَاتٍ وَأَوْقَافٍ عَلَى ضَرِيحِ وَلِيٍّ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى يُؤَدَّى مِنْهَا جَمِيعُ مَا يَلْزَمُ الضَّرِيحَ وَمَا بَقِيَ يُصْرَفُ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ، ثُمَّ زَادَتْ تِلْكَ الْمُرَتَّبَاتُ وَالْأَوْقَافُ وَأَرَادَ بَعْضُ الذُّرِّيَّةِ وَهُمَا النَّاظِرَانِ أَنْ يَخْتَصَّا بِجَمِيعِ الْمُرَتَّبَاتِ هُمَا وَأَخَوَاتُهُمَا وَيَمْنَعُوا بَاقِيَ الذُّرِّيَّةِ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ فَهَلْ لَا يَجُوزُ اخْتِصَاصُهُمْ دُونَ بَاقِيهَا خُصُوصًا وَفِي الذُّرِّيَّةِ الْفَقِيرُ وَالْأَرَامِلُ بَلْ يَجِبُ التَّسْوِيَةُ لِجَمِيعِهَا، وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا فَقِيرٌ دُونَ آخَرَ، وَلَا نَاظِرٌ دُونَ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ نَصُّ الْوَاقِفِ عَلَى تَخْصِيصِ بَعْضِهِمْ، وَإِذَا تَرَكَ بَعْضُ الذُّرِّيَّةِ اسْتِحْقَاقَهُ لِآخَرَ وَاسْتَقَلَّ بِهَا الْآخَرُ مُدَّةً لِصَلَاحِهِ وَكَرَمِهِ، ثُمَّ مَاتَا وَخَرَجَتْ ذُرِّيَّتُهُمَا مِنْ بَعْدِهِمَا وَطَلَبَ كُلٌّ حَقَّهُ لَا يَمْنَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَقْبِضُهُ مُسْتَقِلًّا حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ وُجِدَ كِتَابُ الْوَاقِفِ عُمِلَ بِمَا فِيهِ وَإِلَّا عُمِلَ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ، وَلَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهَا فَإِنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ كِتَابِ الْوَاقِفِ عِنْدَ عَدَمِهِ وَمَنْ أَرَادَ مُخَالَفَتَهَا وَالِاخْتِصَاصَ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ مَنْعُهُ مِنْهُ وَزَجْرُهُ سَوَاءٌ كَانَ نَاظِرًا أَوْ غَيْرَهُ وَيَعْزِلُ النَّاظِرَ الَّذِي أَرَادَ ذَلِكَ لِثُبُوتِ خِيَانَتِهِ وَعَدَمِ تَصَرُّفِهِ بِالْمَصْلَحَةِ وَفَتْحِهِ بَابَ الْفِتْنَةِ وَالْهَرَجِ وَالشَّرِّ، وَإِنْ تَرَكَ بَعْضُ الذُّرِّيَّةِ نَصِيبَهُ لِبَعْضٍ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ الْمَتْرُوكُ لَهُ حَالَ حَيَاةِ التَّارِكِ وَبِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ يَرْجِعُ لِبَاقِي الذُّرِّيَّةِ عَلَى حَسَبِ الشَّرْطِ أَوْ الْعَادَةِ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا وَقْفًا مِنْ نَاظِرِهِ بِدُونِ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، ثُمَّ مَاتَ النَّاظِرُ وَتَوَلَّى آخَرُ فَهَلْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَيُجْبَرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى تَتْمِيمِ أُجْرَةِ مِثْلِهِ مُدَّةَ سُكْنَاهُ السَّابِقَةِ وَلِلنَّاظِرِ الثَّانِي إجَارَتُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>