مُكْرَهًا عَلَيْهَا أَوْ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا إذَا لَمْ يَحُوزُوهَا، وَإِذَا حَازُوا الْبَعْضَ نَفِدَتْ فِيهِ أَفِيدُوا وَالْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إذَا ثَبَتَ إكْرَاهُهُ عَلَيْهَا بِخَوْفٍ مُؤْلِمٍ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَلَوْ حَازُوهَا كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَذَا جَمِيعُ الْعُقُودِ لَا تَلْزَمُ بِالْإِكْرَاهِ اهـ.
وَقَالَ الْحَطَّابُ فِي الْتِزَامَاتِهِ يُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَزِمِ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ، وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الَّذِي لَا حِجْرَ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ وَلَيْسَ بِمُكْرَهٍ فَلَا يَلْزَمُ الْتِزَامُ الْمُكْرَهِ اهـ. بِتَصَرُّفٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ يُوَاسِي آخَرَ فِي كَفَرَحٍ بِحُبُوبٍ أَوْ مَوَاشٍ أَوْ دَرَاهِمَ وَذَا يُسَمَّى فِي عُرْفِنَا نُقُوطًا فَإِذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُوَاسِي مُوجِبٌ يَرُدُّ الْآخَرُ لَهُ مِثْلَ الَّذِي وَاسَاهُ بِهِ أَوْ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ فَهَلْ يَدْخُلُ ذَلِكَ الرَّبَّا وَهَلْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ بِدُونِ مُوجِبٍ وَمَا اللَّازِمُ عِنْدَ تَلَفِ الشَّيْءِ الْمُهْدَى بَيِّنُوا.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَدْخُلُ ذَلِكَ رِبَا النَّسَاءِ وَالْفَضْلِ إنْ اتَّحَدَا جِنْسًا وَاخْتَلَفَا قَدْرًا وَهُمَا رِبَوِيَّانِ وَإِنَّمَا يُقْضَى فِيهَا بِالْعُرُوضِ الَّتِي فِيهَا وَفَاءٌ بِقِيمَةِ الْمَوْهُوبِ وَتُبَاعُ بِهِ شَرْعًا؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ لَهُ شَبَهٌ بِالْبَيْعِ وَلِلْمُوَاسِي الْمُطَالَبَةُ بِهِ بِدُونِ مُوجِبٍ وَلَوْ جَرَى عُرْفٌ بِالتَّأْخِيرِ لِمُوجِبٍ عِنْدَ التَّتَّائِيِّ وَالْأُجْهُورِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا.
وَفِي الْبُرْزُلِيِّ إنْ جَرَى عُرْفٌ بِالتَّأْخِيرِ عُمِلَ بِهِ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ بِهِ إلَّا بَعْدَ مُوجِبٍ، وَإِنْ تَلِفَ الشَّيْءُ الْمُهْدَى بَعْدَ قَبُولِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، وَلَا غَائِبًا، وَلَا مَحْبُوسًا لِلْإِشْهَادِ أَوْ لِأَخْذِ الثَّوَابِ قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ، وَأَمَّا هِبَةُ الثَّوَابِ فَهِيَ جَائِزَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ، وَلَا تَكُونُ مِنْ غَنِيٍّ لِفَقِيرٍ، وَلَا تَحْتَاجُ إلَى حِيَازَةٍ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ رَدِّهَا وَالثَّوَابِ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَبِلَهَا وَاَلَّذِي يَلْزَمُ فِيهَا هُوَ قِيمَتُهَا قَائِمَةً كَانَتْ أَوْ فَائِتَةً وَهَلْ يَلْزَمُ الثَّوَابُ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ؟ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ، وَإِذَا أَطْلَقَا الْهِبَةَ حَمْلًا عَلَى الْعُرْفِ فَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ، وَلَا يُحْكَمُ بِالثَّوَابِ فِي الْهِبَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا لَهُ بَالٌ وَمِقْدَارٌ يُثَابُ عَلَى مِثْلِهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَلَيْسَ فِي الْهَدَايَا، وَلَا التُّحَفِ مُكَافَأَةٌ، وَلَا مَثُوبَةٌ إلَّا لِمَنْ اشْتَرَطَهَا عِنْدَ إرْسَالِهَا وَقَالَ الشَّعْبَانِيُّ لَيْسَ عَلَى الْفُقَهَاءِ أَنْ يَسْتَهْدُوا مِنْ النَّاسِ، وَلَا أَنْ يُضَيِّفُوا أَحَدًا، وَلَا أَنْ يُكَافِئُوا عَلَى الْهَدَايَا وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَذَلِكَ السُّلْطَانُ لَا يُكَافِئُ، وَلَا يُكَافَأُ ذَكَرَهُ فِي الِاسْتِغْنَاءِ قَالَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ، وَلَا ثَوَابَ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ الْوَاهِبُ فَيُثَابُ عَنْهَا عَرَضٌ وَكَذَلِكَ لَا ثَوَابَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَكَذَلِكَ مَا يُهْدِيهِ الرَّجُلُ لِلْآخَرِ عِنْدَ الْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ أَوْ الْأَعْرَاسِ أَوْ فِي الْأَعْيَادِ وَمَا يُهْدِيهِ الْقَادِمُ مِنْ السَّفَرِ مِنْ التَّمْرِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ غَنِيٍّ لِفَقِيرٍ فَلَا ثَوَابَ فِي ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ إلَّا مَا يُهْدِيهِ مِنْ الْكِبَاشِ وَغَيْرِهَا عِنْدَ الْعُرْسِ فَإِنَّهُ يَقْضِي لِلطَّالِبِ بِالْمُكَافَأَةِ عَلَى ذَلِكَ لِلْعُرْفِ وَأَنَّ الضَّمَائِرَ مُنْعَقِدَةٌ عَلَى أَنْ يُهْدِيَهُ مِثْلَهَا إذَا كَانَ لَهُ عُرْسٌ وَنَزَلَتْ عِنْدَنَا فَقُضِيَ لَهُ بِذَلِكَ وَحَاسَبَهُ بِمَا أَكَلَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ الصَّنِيعِ مِنْ قِيمَةِ ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ حَيَوَانًا أَوْ عُرُوضًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَالْعَقْدُ فِيهَا لِلْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ إلَّا فِي الْعَيْنِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ فِيهَا لِلصَّغِيرِ حَتَّى يُخْرِجَهَا الْأَبُ عَنْ يَدِهِ بِالْمُعَايَنَةِ ا. هـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute