فِي الْمَرَضِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ فَيَكُونُ الْمَكْتُوبُ تَرِكَةً بَيْنَ الْجَمِيعِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ، ثُمَّ صَحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً فَإِنْ لَمْ يَحُزْهَا الْمَكْتُوبُ لَهُ قَبْلَ مَرَضِ أَبِيهِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ حَازَهَا قَبْلَهُ اخْتَصَّ بِهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي امْرَأَةٍ تُوُفِّيَتْ عَنْ خَمْسِ بَنَاتٍ وَأَخٍ وَأَوْلَادِ أَخٍ وَتَرَكَتْ مَا يُورَثُ عَنْهَا شَرْعًا مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ ادَّعَتْ إحْدَى الْبَنَاتِ أَنَّ أُمَّهَا وَهَبَتْ لَهَا هِبَةً فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهَا لَمْ تَحُزْ الْهِبَةَ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ تَكُونُ الْهِبَةُ بَاطِلَةً أَمْ لَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ الْهِبَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْمَرَضِ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ لِلْوَارِثِ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ لَهُ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَوَافَقَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ لَهُ أَوْلَادٌ وَأَوْلَادُ ابْنٍ قُصَّرٍ مَاتَ وَالِدُهُمْ، ثُمَّ إنَّ جَدَّهُمْ وَهَبَ لَهُمْ حِصَّةً فِي جَمِيعِ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ وَقَبِلَ لَهُمْ الْهِبَةَ وَحَازَ لَهُمْ وَأَشْهَدَ عَلَى الْهِبَةِ وَالْحِيَازَةِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ وَثِيقَةً وَكُلُّ ذَلِكَ، وَهُوَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَسَلَامَتِهِ، ثُمَّ مَاتَ عَنْ أَوْلَادِهِ الْبَالِغِينَ وَعَنْ أَوْلَادِ ابْنِهِ الْقُصَّرِ الْمَوْهُوبِ لَهُمْ فَهَلْ إذَا بَلَغُوا يَخْتَصُّونَ بِمَا وَهَبَهُ لَهُمْ جَدُّهُمْ وَلَيْسَ لِأَعْمَامِهِمْ مُعَارَضَتُهُمْ فِيهِ، أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَخْتَصُّونَ بِمَا وَهَبَهُ لَهُمْ جَدُّهُمْ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ عَقَارٍ وَحَيَوَانٍ وَعَرَضٍ وَحُلِيٍّ لَا مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ وَطَعَامٍ وَسَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ عَلَيْهِمْ جَدُّهُمْ بِالنَّصِّ مِنْ أَبِيهِمْ أَوْ بِالْعَادَةِ وَأَنْ لَا يَسْكُنَ الْعَقَارَ، وَلَا يَلْبَسَ الثِّيَابَ فَإِنْ سَكَنَ الْأَقَلَّ أَوْ لَبِسَهُ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ سَكَنَ أَوْ لَبِسَ النِّصْفَ بَطَلَ فَقَطْ، وَإِنْ سَكَنَ أَوْ لَبِسَ الْأَكْثَرَ أَوْ الْكُلَّ بَطَلَ الْجَمِيعُ وَلَيْسَ لِلْأَعْمَامِ مُعَارَضَتُهُمْ فِيمَا يَخْتَصُّونَ بِهِ لَا بَعْدَ بُلُوغِهِمْ، وَلَا قَبْلَهُ.
قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَلَا إنْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ إلَّا لِمَحْجُورِهِ إلَّا مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَوْ خَتَمَ عَلَيْهِ الْخَرَشِيُّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وَهَبَ لِمَحْجُورِهِ هِبَةً وَاسْتَمَرَّتْ عِنْدَ الْوَاهِبِ إلَى أَنْ فَلَّسَ أَوْ مَاتَ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ هُوَ الَّذِي يَحُوزُ لِمَحْجُورِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَحْجُورُ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ وَصِيًّا أَوْ مُقَدَّمًا مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ وَهَبَ لِمَحْجُورِهِ شَيْئًا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَأَبْقَاهَا تَحْتَ يَدِهِ إلَى أَنْ فَلَّسَ مَثَلًا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَلَوْ خَتَمَ عَلَيْهِ بِخَتْمِهِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِهِ الْعَمَلُ نَعَمْ إنْ خَتَمَ عَلَيْهَا وَحَازَهَا لَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ إلَى أَنْ مَاتَ أَوْ فَلَّسَ فَإِنَّهَا تَصِحُّ (ص) وَدَارُ سُكْنَاهُ إلَّا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا وَيُكْرِيَ الْأَكْثَرَ، وَإِنْ سَكَنَ النِّصْفَ بَطَلَ فَقَطْ وَالْأَكْثَرُ بَطَلَ الْجَمِيعُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى " مَا " مِنْ قَوْلِهِ مَا لَا يُعْرَفُ فَلَا تَصِحُّ هِبَتُهَا لِمَحْجُورِهِ مَا دَامَ الْوَاهِبُ سَاكِنًا وَلَوْ سَكَنَ الْأَقَلَّ وَأَكْرَى لِمَحْجُورِهِ الْأَكْثَرَ فَلَا يَضُرُّ وَتَصِيرُ كُلُّهَا صَدَقَةً عَلَى الْمَحْجُورِ فَإِنْ سَكَنَ النِّصْفَ وَأَكْرَى لَهُ النِّصْفَ الثَّانِيَ فَإِنَّ مَا سَكَنَهُ تَبْطُلُ الصَّدَقَةُ فِيهِ وَمَا أَكْرَاهُ لَهُ تَمْضِي صَدَقَتُهُ لِلْمَحْجُورِ فَإِنْ سَكَنَ الْوَاهِبُ الْأَكْثَرَ وَأَكْرَى لَهُ أَقَلَّهَا فَإِنَّ الصَّدَقَةَ كُلَّهَا تَبْطُلُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَحْجُورِ، وَأَمَّا لَوْ وَهَبَ الْأَبُ دَارَ سُكْنَاهُ لِكِبَارِ وَلَدِهِ فَلَا يَبْطُلُ مِنْهَا إلَّا مَا سَكَنَهُ فَقَطْ وَيَصِحُّ مَا حَازَهُ الْوَلَدُ كَانَ كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا وَالْوَقْفُ مِثْلُ الْهِبَةِ فِي ذَلِكَ انْتَهَى الْعَدَوِيُّ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ هُوَ الَّذِي يَحُوزُ. . . إلَخْ أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute