مَا قَوْلُكُمْ) فِي جَمَاعَةٍ وَرِثُوا سَاقِيَةً عَنْ آبَائِهِمْ عَنْ جَدِّهِمْ وَاسْتَعْمَلُوهَا مُنَاوَبَةً ثُمَّ عَجَزَ بَعْضُهُمْ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ مُدَّةً وَالْبَعْضُ مُتَوَلٍّ عَلَيْهَا فَهَلْ إذَا طَلَبَ الْعَاجِزُونَ أَنْ يَأْخُذُوا حَقَّهُمْ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّينَ مَنْعُهُمْ مُتَعَلِّلِينَ عَلَيْهِمْ بِوَضْعِ الْيَدِ وَعَدَمِ الْمُنَازَعَةِ فِي مُدَّةِ عَجْزِهِمْ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟ فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ إذَا طَلَبَ الْعَاجِزُونَ أَخْذَ حَقِّهِمْ فَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّينَ مَنْعُهُمْ وَلَا يُفِيدُهُمْ تَعَلُّلُهُمْ بِوَضْعِ الْيَدِ وَعَدَمِ الْمُنَازَعَةِ فِي مُدَّةِ الْعَجْزِ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ لِأَنَّ شَرْطَ اعْتِبَارِ الْحِيَازَةِ مَانِعَةً مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى جَهْلُ كَيْفِيَّةِ اسْتِيلَاءِ الْحَائِزِ عَلَى الشَّيْءِ الْمَحُوزِ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ وَالْمَجْمُوعِ وَالْكَيْفِيَّةُ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ مَعْلُومَةٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ تَدَايَنَ مِنْ ذِي شَوْكَةٍ بِوَثِيقَةٍ وَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ خَلَّصَهُ وَلَمْ يُعْطِهِ الْوَثِيقَةَ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْخَلَاصِ وَمَضَى نَحْوُ عِشْرِينَ سَنَةِ وَهُمَا فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ تَأْخُذُهُمَا الْأَحْكَامُ وَالرَّجُلُ مَلِيءٌ وَلَمْ يَشْهَدْ أَحَدٌ أَنَّ ذَا الشَّوْكَةِ طَالَبَهُ بِالدَّيْنِ ثُمَّ مَاتَ ذُو الشَّوْكَةِ وَسَكَتَ وَرَثَتُهُ نَحْوَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةٍ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ ثُمَّ قَامَ وَرَثَةُ ذِي الشَّوْكَةِ عَلَى وَرَثَةِ الرَّجُلِ وَطَالَبُوهُمْ بِالدَّيْنِ فَأَجَابَهُمْ وَرَثَةُ الرَّجُلِ بِأَنَّهُ دَفَعَهُ لَمُوَرِّثِهِمْ وَحَكَمَ لَهُمْ قَاضٍ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَأَفْتَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِهَا وَبَعْضُهُمْ بِعَدَمِهَا فَمَا الْحُكْمُ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ الْقَوْلُ لِوَرَثَةِ رَبِّ الدَّيْنِ فِي بَقَائِهِ عَلَى الدَّيْنِ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَالْحِيَازَةُ لَا تُعْتَبَرُ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا فِي شُرُوحِ الْمُخْتَصَرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَتُصْرَفُ وَلِوَرَثَةِ الْمَدِينِ تَحْلِيفُ مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ بِالْقَضَاءِ مِنْ وَرَثَةِ رَبِّ الدَّيْنِ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِهِ وَحُكْمُ الْقَاضِي بِسُقُوطِهِ بِهَا لَا يُعْتَبَرُ لِمُخَالِفَتِهِ لِلنَّصِّ وَالِاسْتِدْلَالِ بِحَدِيثِ «لَا يَبْطُلُ حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَإِنْ قَدُمَ» صَحِيحٌ وَهُوَ خَاصٌّ بِمَا فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ «مَنْ حَازَ شَيْئًا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ» وَهَذَا خَاصٌّ بِغَيْرِ مَا فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ كَمَا بَيَّنَتْهُ الْأَئِمَّةُ.
وَفِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيِّ وَسُئِلَ ابْنُ الضَّابِطِ عَمَّنْ تُوُفِّيَ مُنْذُ سِنِينَ كَثِيرَةٍ فَقَامَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ بِوَثِيقَةِ دَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ فَاعْتَرَفَ بِهَا وَادَّعَى دَفْعَ بَعْضِهِ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَفِيهِمْ مَوْلَى عَلَيْهِ وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ.
فَأَجَابَ إذَا لَمْ يَثْبُتْ قَضَاءُ الدَّيْنِ بِبَيِّنَةِ أَوْ عَادَةٍ وَاضِحَةٍ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ فَهُوَ مَطْلُوبٌ بِهِ وَلَا يَمِينَ عَلَى مُوَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ قَضَاهُ مِنْ الْحَائِزِينَ بِأَمْرِ (٧) الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ قَضَى الْمَيِّتَ حَلَفَ مَنْ يُمْكِنُهُ عِلْمُ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ اهـ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمُوعِ فَلَا حِيَازَةَ عَلَى دَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ لِعَدَمِ التَّصَرُّفِ اهـ.
وَفِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ أَيْ لَا يُقَالُ سَقَطَ بِالسُّكُوتِ عَنْهُ بِلَا عُذْرٍ مَعَ طُولِ مُدَّتِهِ سَوَاءً كَانَ بِوَثِيقَةٍ أَمْ لَا وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا غَيْرُ دَعْوَى الْقَضَاءِ أَمَّا إنْ ادَّعَى الْمَطْلُوبُ الْقَضَاءَ فَإِنْ كَانَ بِوَثِيقَةٍ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِوَثِيقَةٍ فَالْقَوْلُ لِلْمَطْلُوبِ بِيَمِينِهِ حَيْثُ مَضَى طُولٌ لَا يُؤَخَّرُ مَعَهُ عُرْفًا وَلَا مَانِعَ مِنْ الطَّلَبِ وَعَنْ مَالِكٍ الطُّولُ ثَلَاثُونَ سَنَةٍ وَعَنْ مُطَرِّفٍ عِشْرُونَ اهـ
وَقَالَ الْعَدَوِيُّ الْحِيَازَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي غَيْرِ وَثَائِقِ الْحُقُوقِ وَإِلَّا فَلَهُ الْقِيَامُ بِمَا فِيهَا وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ اهـ.
وَفِي الْمَجْمُوعِ وَشَرْحِهِ لِكَاتِبِهِ وَإِنْ ادَّعَى مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِمَيِّتٍ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ قَضَاءً أَيْ دَفَعَ الدَّيْنَ إلَى الْمَيِّتِ وَأَنْكَرَ وَرَثَتُهُ ذَلِكَ حَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْقَضَاءِ شَخْصٌ بَالِغٌ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ بِالْقَضَاءِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمَدِينُ مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ كَأَبِيهِ وَابْنِهِ وَأَخِيهِ وَثَبَتَ حَقُّ غَيْرِهِ تَبَعًا وَإِنْ نَكَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute