فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ عَلَى الْوَكِيلِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ مِنْهُ جَبْرًا عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ وَكِيلًا مُفَوَّضًا سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِوَكَالَتِهِ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَإِنْ كَانَ وَكِيلًا خَاصًّا فَلَهُ الرَّدُّ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِوَكَالَتِهِ فَإِنْ عَلِمَ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ عَلَيْهِ إنَّمَا يَرُدُّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ إذَا حَضَرَ وَشَرَطَ الرَّدَّ عَلَيْهِ أَوْ الْمُوَكِّلِ ثُبُوتِ قِدَمِ الْعَيْبِ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ أَوْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْعَبْدِ إنَّ عَيْبَهُ قَدِيمٌ لِعَدَمِ عَدَالَتِهِ مَعَ اتِّهَامِهِ بِمَحَبَّةِ سَادَاتِهِ الْأَوَّلُ وَإِنْ تَمَسَّكَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ وَقَدِمَ الْغَائِبُ وَأَثْبَتَ إنَّ تَوْكِيلَهُ خَاصٌّ بِغَيْرِ بَيْعِ الْعَبْدِ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي إمْضَاءِ بَيْعِهِ وَرَدِّهِ وَكَذَا إنْ كَانَ الْعَبْدُ زَائِدَ الْخِدْمَةِ عَلَى خِدْمَةِ أَمْثَالِهِ وَلَوْ فَوَّضَ لَهُ فِي الْوَكَالَةِ وَلَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى بَيْعِهِ بِخُصُوصِهِ لِأَنَّ هَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي لَا يَمْضِي تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ لَهُ فِيهَا إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهَا ثَانِيهَا: طَلَاقُ الزَّوْجَةِ.
ثَالِثُهَا: إنْكَاحُ الْبِكْرِ.
رَابِعُهَا بَيْعُ دَارِ السُّكْنَى قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ عَاطِفًا عَلَى مُتَعَلِّقِ طُولِبَ النَّائِبُ عَنْ فَاعِلِهِ ضَمِيرُ الْوَكِيلِ وَبِالْعُهْدَةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ قَالَ الْخَرَشِيُّ وَكَذَلِكَ يُطَالَبُ الْوَكِيلُ بِعُهْدَةِ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لِلْبَيْعِ وَكِيلٌ فَإِنْ عَلِمَ فَالْعُهْدَةُ لَا تَكُونُ عَلَيْهِ وَتَكُونُ عَلَى مَنْ وَكَّلَهُ فَيُرَدَّ الْمَبِيعُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ عَلَيْهِ وَهَذَا فِي الْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ، وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ فَيَتْبَعُ كَمَا يُتْبَعُ وَالْبَائِعُ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ كَالشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ وَالْمُقَارِضِ، بِخِلَافِ الْقَاضِي وَالْوَصِيِّ اهـ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَغَا كَوَكَّلْتُكَ وَأَنْتَ وَكِيلِي حَتَّى يُخَصِّصَ وَإِنْ بِقَرِينَةٍ أَوْ يُفَوِّضَ فَيَمْضِي النَّظَرُ كَغَيْرِهِ وَهُوَ مَا لَا تَنْمِيَةَ فِيهِ كَعِتْقٍ إنْ جُعِلَ لَهُ وَلَا يَمْضِي طَلَاقٌ وَإِنْكَاحُ بِكْرٍ وَبَيْعُ دَارِ السُّكْنَى وَعَبْدِ الْغَرَضِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ كَالتَّاجِرِ وَزَائِدِ الْخِدْمَةِ إلَّا بِالنَّصِّ عَلَى خُصُوصِهَا اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ أَمَرَ آخَرَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ سِلْعَةً مِنْ مِصْرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ يَدْفَعُهُ لَهُ عِنْدَ مَجِيئُهُ بِهَا فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ السِّلْعَةَ وَضَاعَتْ مِنْهُ فَهَلْ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الضَّيَاعَ وَيَلْزَمُ الْآمِرَ دَفْعُ الثَّمَنِ أَمْ لَا؟
أَجَابَ عَنْهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الطَّحْلَاوِيُّ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إنْ كَانَ الْآمِرُ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ لِلْمَأْمُورِ يَشْتَرِيَ لَهُ سِلْعَةً مِنْ مِصْرَ وَادَّعَى الْمَأْمُورُ الشِّرَاءَ ثُمَّ الضَّيَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ وَضَاعَ ثَمَنُهَا عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الثَّمَنَ وَادَّعَى الشِّرَاءَ ثُمَّ الضَّيَاعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الثَّمَنَ فَالْمُنَاسِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فِي الْجَوَابِ وَحُكْمُهُ فِي مَوْضُوعِ عَدَمِ دَفْعِهِ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُوَكِّلِ مِنْ الثَّمَنِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَمُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُخْتَصَرِ وَلَزِمَ الْمُوَكِّلَ غُرْمُ الثَّمَنِ إلَى أَنْ يَصِلَ لِرَبِّهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ اهـ وَلِقَوْلِ الْمَجْمُوعِ وَلَزِمَ الْمُوَكِّلَ عَلَى شِرَاءِ غُرْمِ الثَّمَنِ وَلَوْ تَلِفَ مِنْ الْوَكِيلِ مِرَارًا حَتَّى يَصِلَ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَهُ فَيَتْلَفَ فَالْمَبِيعُ لِلْوَكِيلِ وَعَلَيْهِ ثَمَنُهُ اهـ وَلِقَوْلِ الْأُجْهُورِيِّ فِي فَتَاوِيهِ الثَّانِي مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ ثُبُوتُ حُكْمِ الْأَمَانَةِ لِلْوَكِيلِ اعْلَمْ أَنَّ الْوَكِيلَ يَدُهُ يَدُ أَمَانَةٍ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ حَتَّى لَا تَضْمَنَ مَا تَلِفَ بِغَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ سَوَاءٌ كَانَ وَكِيلًا بِجَعْلٍ أَوْ بِغَيْرِ جَعْلٍ ثُمَّ إنْ سَلَّمَ إلَيْهِ الثَّمَنَ فَهُوَ مُطَالَبٌ بِهِ مَهْمَا وَكَّلَ بِالشِّرَاءِ فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهِ الثَّمَنَ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَوْنَهُ وَكِيلًا طَالَبَهُ فَإِنْ اعْتَرَفَ بِوَكَالَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ ثُمَّ حَيْثُ طُولِبَ الْوَكِيلُ رَجَعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَلَوْ وَكَّلَ عَلَى شِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ أَوْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا فَالْمُسْتَحِقُّ يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ دُونَ الْوَكِيلِ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَخَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute