بِهِ جَدُّهُ عَلَى جَدِّ الْمُوَكِّلِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَكِيلُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ لِلْمُدَّعِي وَالْحَالُ أَنَّ الْوَكِيلَ بِيَدِهِ وَثِيقَةُ مِلْكٍ لِمُوَكِّلِهِ عَلَى جَمِيعِ الْبُسْتَانِ وَمُدَّةُ حَوْزِهِ لَهُ ثَلَاثُونَ عَامًا، وَوَثِيقَةُ تَسْلِيمٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ تَارِيخُهَا قَدِيمٌ لَمْ يُخْرِجْهُمَا فِي الْمَجْلِسِ وَاعْتَرَفَ بِالْمَجْلِسِ الْمَذْكُورِ لِلْمُدَّعِي دُونَ مُخَاصَمَةٍ وَآجَالٍ وَنُسَخٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهَلْ تَسْلِيمُ الْوَكِيلِ وَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ مَاضٍ عَلَى مُوَكِّلِهِ أَوْ لَا؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ كَانَتْ الْوَثِيقَةُ الْمُتَضَمِّنَةُ لِمِلْكِ الْمُوَكِّلِ جَمِيعَ الْبُسْتَانِ مُثْبَتَةً لَهُ شَرْعًا بِأَنْ كَتَبَ عَلَيْهَا الْقَاضِي عَلَامَةَ الصِّحَّةِ وَخَتَمَهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ وَوُجِدَتْ بَيِّنَةُ شَرْعِيَّةٌ تَشْهَدُ بِمَضْمُونِهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ وَكَانَتْ الْحِيَازَةُ الْمَذْكُورَةُ ثَابِتَةً مَانِعَةً مِنْ قَبُولِ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِحَسَبِ حَالِهِ مِنْ كَوْنِهِ قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا شَرِيكًا أَوْ غَيْرَ شَرِيكٍ أَوْ لَمْ تَكُنْ الْحِيَازَةُ كَذَلِكَ وَكَانَ هَذَا الْوَكِيلُ لَيْسَ وَكِيلًا مُفَوَّضًا وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ الْمُوَكِّلُ الْإِقْرَارَ فَإِقْرَارُهُ لَا يَلْزَمُ مُوَكِّلَهُ وَإِنْ كَانَ مُفَوَّضًا مُطْلَقًا أَوْ غَيْرَ مُفَوَّضٍ وَجَعَلَ لَهُ مُوَكِّلُهُ الْإِقْرَارَ لَزِمَ إقْرَارُهُ مُوَكِّلَهُ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ الْوَكِيلُ فِي إقْرَارِهِ بِقَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ لِلْمَقَرِّ لَهُ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يَلْزَمُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يُفَوَّضَ أَوْ يُجْعَلَ لَهُ وَيُقِرَّ مِنْ نَوْعِ الْخُصُومَةِ بِمُشْبِهٍ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ ثُمَّ قَالَ فَيَمْضِي النَّظَرُ كَغَيْرِهِ إنْ جُعِلَ لَهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ لَا بُدَّ فِي وَكَالَةِ الْخِصَامِ أَنْ يَذْكُرَ فِيهَا الْإِقْرَارَ وَالْإِنْكَارَ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ لَا تُقْبَلُ حَتَّى يُجْعَلَ إلَيْهِ ذَلِكَ وَقَالَ أَصْبَغُ يَقْبَلُ الْحَاكِمُ وَلَا يَرُدُّهَا وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ لَهُ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَقَدْ نَزَلَتْ فَقَضَى فِيهَا بِأَنْ لَا تُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَحْضُرَ مَعَ وَكِيلِهِ لِيُقِرَّ بِمَا يُوقِفُهُ عَلَيْهِ خَصْمُهُ وَيَكُونُ فِي وَقْتِ الْحُكْمِ قَرِيبًا مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ مَا قَالَهُ عَنْهُ وَكِيلُهُ إذَا جَعَلَ لَهُ الْإِقْرَارَ وَالْإِنْكَارَ وَكَانَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْمَالِ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ وَسَقَطَ عَنْ خَصْمِهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِ الْمُوَكِّلِ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا يَلْزَمُهُ سَائِرُ إقْرَارِهِ بَعْدَ تَوْكِيلِهِ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ رَأَيْت فُقَهَاءَ طُلَيْطِلَة يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّ مَنْ وَكَّلَ وَكِيلًا عَلَى الْمُخَاصَمَةِ عَنْهُ وَالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ فَأَقَرَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَهَبَ دَارِهِ لِزَيْدٍ فَذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَتَّابٍ قَائِلًا إنَّمَا يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ فِيمَا كَانَ مِنْ مَعْنَى الْمُخَاصَمَةِ الَّتِي وَكَّلَ عَلَيْهَا وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.
وَفِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ وَكَّلَ عَلَى قَبْضِ شُفْعَتِهِ فَأَقَرَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ سَلَّمَهَا فَهُوَ شَاهِدٌ لِلْمُشْتَرِي وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي إقْرَارِ الْوَكِيلِ فِي الْخُصُومَةِ فَمَرَّةً أَجَازَهُ وَمَرَّةً أَبَاهُ وَقَالَ لَا يَلْزَمُ وَجَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ الْخُصُومَةَ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي وَزَعَمَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ أَنَّ تَحْصِيلَ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إقْرَارُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ قَالَ وَقَدْ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ قَالَ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ لَازِمٌ لِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ انْتَهَى
(سُئِلَ) ابْنُ رُشْدٍ عَنْ وَكِيلٍ قُيِّدَتْ عَلَيْهِ مَقَالَتُهُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ فَلَمَّا طَلَبَ مُوَكِّلُهُ بِإِقْرَارِهِ اسْتَظْهَرَ بِعَزْلِهِ قَبْلَ إقْرَارِهِ دُونَ أَنْ يُعْلِمَهُ بِهِ فَقَالَ مَا قُيِّدَ عَلَى الْوَكِيلِ لَازِمٌ لِمُوَكِّلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَزَلَهُ قَبْلَ مُنَاسَبَةِ الْخِصَامِ عَزْلًا أَعْلَنَ بِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَفْرِيطٌ فِي تَأْخِيرِ إعْلَانِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ مُنَاسَبَةِ الْخِصَامِ وَقَبْلَ الْإِقْرَارِ فَلَا يَجُوزُ عَزْلُهُ إذْ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَمْ يَشَأْ أَحَدٌ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا فِي الْخِصَامِ وَيُشْهِدَ فِي السِّرِّ عَلَى عَزْلِهِ إلَّا فَعَلَ هَذَا الَّذِي أَقُولُ بِهِ وَلَا يَصِحُّ سِوَاهُ عَلَى أُصُولِهِمْ وَلَا يُلْتَفَتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute