فِيهِ فَقِيلَ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَشْهُورِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَصْلُهُ لِابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ وَقَدْ أَجَازَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الصَّلَاةَ عَلَى جُلُودِ السِّبَاعِ إذَا ذُكِّيَتْ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى خِلَافِهِ وَأَبَاحَ مَا فِيهِ حَقٌّ تُوفِيهِ مِنْ غَيْرِ طَعَامٍ قَبْلَ قَبْضِهِ وَأَجَازَ أَكْلَ الصَّيْدِ وَإِنْ أَكَلَتْ الْكِلَابُ مِنْهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ وَلَمْ يُرَاعِ فِي ذَلِكَ خِلَافَ الْجُمْهُورِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاعَى عِنْدَهُ الدَّلِيلُ لَا كَثْرَةُ الْقَائِلِ انْتَهَى. وَقِيلَ الْمَشْهُورُ مَا كَثُرَ قَائِلُهُ وَعَلَيْهِ لَا بُدَّ أَنْ تَزِيدَ نَقَلَتُهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَقُولُ إنَّهُ يُرَاعَى الْمَشْهُورَ وَالصَّحِيحَ قَبْلَ الْوُقُوعِ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ تَوَقِّيًا وَاحْتِرَازًا كَمَا فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَفِي قَلِيلِ النَّجَاسَةِ عَلَى رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ وَبَعْدَهُ تَبَرِّيًا وَإِنْفَاذًا كَأَنَّهُ وَقَعَ أَوْ فُتْيَا لَا فِيمَا يُفْسَخُ مِنْ الْأَقْضِيَةِ وَلَا يُقَلَّدُ مِنْ الْخِلَافِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُرَاعَى الْخِلَافُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ الْحُكْمُ لَا يُرَاعَى فِيهِ إلَّا الْمَشْهُورُ مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يُرَاعَى مِنْ الْخِلَافِ إلَّا الْمَشْهُورُ وَفِي الْإِمْضَاءِ بَعْدَ الْوُقُوعِ يُرَاعَى فِيهِ مَا دُونَهُ فِي الشُّهْرَةِ وَأَحْرَى الْمَشْهُورُ وَفِي دَرْءِ الْحَدِّ يُرَاعَى فِيهِ كُلُّ خِلَافٍ لِغَرَضِ الشَّارِعِ فِي الشَّبَهِ وَكَوْنِ حَقِّ الْآدَمِيِّ أَقْوَى مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ.
ثُمَّ إذَا قُلْنَا بِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ مُطْلَقًا أَوْ الْمَشْهُورِ فَهَلْ ذَلِكَ عَامٌّ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ أَوْ خَاصٌّ بِالْمُجْتَهِدِ فِيهِ قَوْلَانِ وَهَلْ مُرَاعَاتُهُ أَيْضًا مُطْلَقَةٌ سَوَاءٌ قُلْنَا بِأَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ أَوْ الْمُصِيبُ وَاحِدٌ أَوْ إنَّمَا ذَلِكَ إذَا قُلْنَا بِتَصْوِيبِ كُلِّ الْمُجْتَهِدِينَ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ فَلَا يُرَاعَى أَصْلًا فِيهِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَلِلثَّانِي مَيْلُ الْأَكْثَرِ ثُمَّ شَرْطُ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ أَيْضًا عِنْدَ الْقَائِلِ بِهَا أَنْ لَا يَتْرُكَ الْمَذْهَبَ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ مِثْلُ أَنْ يَتَزَوَّجَ زَوَاجًا مُخْتَلَفًا فِيهِ، وَمَذْهَبُهُ فِيهِ وَمَذْهَبُ إمَامِهِ الَّذِي قَلَّدَهُ أَنَّهُ فَاسِدٌ ثُمَّ يُطَلِّقُ فِيهِ ثَلَاثًا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَلَا يَتَزَوَّجُهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَوْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ لَمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ لِاعْتِقَادِ فَسَادِ نِكَاحِهِمَا، وَنِكَاحُهُمَا عِنْدَهُ صَحِيحٌ، وَعِنْدَ الْمُخَالِفِ فَاسِدٌ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَتْرُكَ الْإِنْسَانُ مَذْهَبَهُ مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِ غَيْرِهِ يُرِيدُ أَنَّ مَنْعَهُ مِنْ تَزْوِيجِهَا أَوَّلًا إنَّمَا هُوَ مُرَاعَاةٌ لِلْخِلَافِ وَفَسْخِهِ ثَانِيًا لَوْ قِيلَ بِهِ كَانَ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ.
أَيْضًا فَلَوْ رُوعِيَ الْخِلَافُ فِي الْحَالَيْنِ مَعًا لَكَانَ تَرْكًا لِلْمَذْهَبِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَرَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ قَبُولَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ بَشِيرٍ قَوْلَ الْقَرَوِيِّ بِوُضُوحِ مُخَالَفَتِهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ فِرْقَةِ الْفَسْخِ، وَفِرْقَةِ الطَّلَاقِ وَالْحُكْمِ لِفِرْقَةِ الْفَسْخِ بِاللَّغْوِ فِي إيجَابِ بَعْضِ مَا يُوجِبُ وَقْتَ تَجْدِيدِ عَقْدِ النِّكَاحِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ الْمَفْسُوخِ نِكَاحُهُمَا عَلَى نِكَاحِ الزَّوْجَةِ زَوْجًا آخَرَ فَضْلًا عَنْ كُلِّهِ وَالْحُكْمِ لِفِرْقَةِ الطَّلَاقِ بِنَقِيضِ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَ أَنَّ كُلَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute