للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ كَانَ مُقَلِّدًا لِأَحَدِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَتَرَكَ ذَلِكَ زَاعِمًا أَنَّهُ يَأْخُذُ الْأَحْكَامَ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ تَارِكًا لِكُتُبِ الْفِقْهِ مَائِلًا لِقَوْلِ أَحْمَدَ بْنِ إدْرِيسَ بِذَلِكَ قَائِلًا إنَّ كُتُبَ الْفِقْهِ لَا تَخْلُو مِنْ الْخَطَأِ وَفِيهَا أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ مُخَالِفَةٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَكَيْفَ تَتْرُكُ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ وَتُقَلِّدُ الْأَئِمَّةَ فِي اجْتِهَادِهِمْ الْمُحْتَمَلِ لِلْخَطَأِ وَقَائِلًا أَيْضًا لِمَنْ تَمَسَّكَ بِكَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَمُقَلِّدِيهِمْ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ قَالَ اللَّهُ أَوْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ قَالَ مَالِكٌ أَوْ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ خَلِيلٌ فَتُقَابِلُونَ كَلَامَ الشَّارِعِ الْمَعْصُومِ مِنْ الْخَطَأِ بِكَلَامِ مَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ الْخَطَأُ، وَمِنْ أَفْعَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي مَسَافَةِ نِصْفِ يَوْمٍ وَفِطْرُ رَمَضَانَ فِيهَا وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ بِلَا وُضُوءٍ وَالْجَهْرُ بِالْبَسْمَلَةِ فِي الْفَرِيضَةِ وَالْقُنُوتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ جَهْرًا وَالْقَبْضُ فِيهَا وَتَأْخِيرُ الصُّبْحِ إلَى الْإِسْفَارِ الْبَيِّنِ. وَمِنْهَا أَنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ نَزَلَتْ بِبَرْقَةَ وَبَنَتْ بِهَا زَاوِيَةً وَجَعَلَتْ لَهَا حِمًى مَدَّ الْبَصَرِ وَصَارُوا إذَا رَأَوْا فَرَسًا فِيهِ لِغَيْرِهِمْ رَبَطُوهَا بِلَا أَكْلٍ وَلَا شُرْبٍ حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُهَا يَفْدِيهَا بِدَرَاهِمَ أَوْ تَمُوتُ صَبْرًا وَإِنْ رَأَوْا فِيهِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ذَكُّوهُ وَأَكَلُوهُ إنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُ صَاحِبُهُ وَيَفْدِهِ بِدَرَاهِمَ وَرَأَوْا ذَاتَ يَوْمٍ قَطِيعًا مِنْ الْغَنَمِ بِهِ فَبَادَرُوا إلَيْهِ مُتَدَاعِينَ بِلَفْظِ الْإِخْوَانِ وَذَبَحُوا مِنْهُ جُمْلَةً وَاقْتَسَمُوا لَحْمَهَا ثُمَّ أَتَى رَبُّهُ فَوَقَعَ عَلَى شَيْخِهِمْ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْبَاقِيَ.

وَمِنْهَا أَنَّ شَخْصًا أَعْمَى قَدِمَ إلَيْهِمْ بِأَوْلَادِهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَقَامَ عِنْدَهُمْ مُدَّةً فَلَمْ يُعْجِبْهُ حَالُهُمْ فَانْتَقَلَ عَنْهُمْ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى عَازِمًا عَلَى الرُّجُوعِ لِوَطَنِهِ فَأَرْسَلَ خَلْفَهُ شَيْخُهُمْ وَرَدَّهُ وَقَالَ لَهُ سَتُسَافِرُ فِي غَدٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَسَقَاهُ شَيْئًا فَاشْتَكَى مِنْ حِينِهِ وَمَاتَ فِي ثَانِي يَوْمٍ وَلَمَّا قَدِمَ شَيْخُهُمْ إلَى مِصْرَ ذَهَبَ إلَيْهِ وَلَدُ الْمَيِّتِ وَسَأَلَهُ عَنْ تَرِكَتِهِ فَقَالَ لَهُ إنِّي وَضَعْتهَا عِنْدَ فُلَانٍ وَسَأَكْتُبُ لَهُ يُرْسِلُهَا لَك وَلَمَّا تَرَدَّدَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ أَعْطَاهُ خَمْسَةَ رِيَالَاتٍ لَا غَيْرَ. وَمِنْهَا أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ نَفَى عِصْمَةَ أَبِينَا آدَمَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - بَلْ وَكُلِّ نَبِيٍّ وَرَدَتْ فِيهِ آيَةٌ مُتَشَابِهَةٌ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِهَا زَاعِمًا أَنَّهُ نَصٌّ لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ وَأَلَّفَ فِي ذَلِكَ نَثْرًا وَنَظْمًا. وَمِنْهَا أَنَّ شَيْخَهُمْ أَخْبَرَ أَهْلَ سِيوَى بِخُسُوفِ الْقَمَرِ قَبْلَ وُقُوعِهِ مُوهِمًا لَهُمْ الْمُكَاشَفَةَ وَرَدَّهُمْ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ إلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِمَّا تَقَدَّمَ بَيَانُ بَعْضِهِ. وَمِنْهَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ عَلَى شَيْخِهِمْ إنَّهُ الْمَهْدِيُّ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ نَبِيٌّ وَإِنَّ أَحَدَهُمْ أَعْلَى مَقَامًا مِنْ عَبْدِ الْقَادِرِ وَنَحْوِهِ وَيُسَمُّونَ طَرِيقَتَهُمْ الْمُحَمَّدِيَّةَ وَيَظْهَرُونَ لِمَنْ لَا يَعْرِفُهُمْ أَنَّهُمْ مَالِكِيَّةٌ فَهَلْ مَا عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةُ ضَلَالٌ يَجِبُ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَالْمُبَادَرَةُ بِالتَّوْبَةِ مِنْهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يَجُوزُ لِعَامِّيٍّ أَنْ يَتْرُكَ تَقْلِيدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَيَأْخُذَ الْأَحْكَامَ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَهُ شُرُوطٌ كَثِيرَةٌ مُبَيَّنَةٌ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>