للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحبوب عنده أو دفع المكروه عنه، والله خلق العبد [ليصدِّق بالحقِّ] (١) ويَقْصِدَ الخيرَ فيرجوه بعمله، فإذا كذَّب بالحقِّ فلم يصدِّق به ولم يَرْجُ الخيرَ فيقصِدُه ويعملُ له كان خاسرًا بترك تصديق الحقِّ وطلب الخير، فكيف إذا كذَّب بالحقِّ وكره إرادةَ الخير؟ فكيف إذا صدَّق بالباطل وأراد الشرَّ؟ !

فذكر عبد الله بن مسعودٍ أن لقلب ابن آدم لَمَّةً من المَلَك ولَمَّةً من الشيطان, فلَمَّةُ المَلَك تصديقٌ بالحق, [ولَمَّةُ الشيطان تكذيبٌ بالحقِّ] (٢) وهو ما كان من جنس الاعتقاد الفاسد، وهو التكذيبُ بالحق, وإيعادٌ بالشرِّ وهو ما كان من جنس إرادة الشرِّ وطلب (٣) وجوده, إما مع رجائه إن كان مع هوى النفس، وإما مع خوفه إن كان غير محبوبٍ لها, وكلٌّ من الرجاء والخوف مستلزمٌ للآخر.

فمبدأ العلم الحقِّ والإرادةِ الصالحة مِن لَمَّة المَلَك، ومبدأ الاعتقاد الباطل والإرادة الفاسدة مِن لَمَّة الشيطان.

قال الله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا} [البقرة: ٢٦٨]، وقال تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} [آل عمران: ١٧٥] أي: يخوِّفُكم أولياءه، وقال تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي


(١) ليست في الأصل, والسياق يقتضيها.
(٢) أظنه سقط على الناسخ لانتقال نظره.
(٣) الأصل: «وظن». تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>