للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخلوق فيقولون: ليس في العالم كما ليس خارجًا عنه، أو يقولون: هو وجودُ المخلوقات دونَ أعيانها، أو يقولون: هو الوجود المطلق، فيتشابهون فيما ينفونه (١)، إذ كانت قلوبهم متشابهةً في النفي والتعطيل، وهو إنكارُ موجودٍ حقيقيٍّ مباينٍ للمخلوقات عالٍ عليها, وإنما يفترقون فيما يثبتونه.

ويُكْرِهُون فِطَرهم وعقولهم على قبول المحال المتناقض:

* فيقولون: هو في العالم وليس هو فيه، أو هو العالم وليس إيَّاه.

* أو يغلِّبون الإثبات, فيقولون: بل هو نفس الوجود.

* أو النفي, فيقولون: ليس في العالم ولا خارجًا عنه.

* أو يَدِينُون بالإثبات في حالٍ وبالنفي في حال، إذا غلبَ على أحدهم عقلُه غلَّب النفيَ وهو أنه ليس في العالم، وإذا غلبَ عليه الوَجْدُ والعبادةُ رجَّح الإثباتَ وهو أنه في هذا الوجود أو هو هو.

لا تجدُ جهميًّا إلا على أحد هذه الوجوه الأربعة، وإن تنوَّعوا فيما يثبتونه ــ كما ذكرته لك ــ فهم مشتركون في التعطيل (٢).

وقد رأيتُ منهم ومِن كتبهم وسمعتُ منهم وممَّن يخبرُ عنهم من ذلك ما شاء الله, وكلُّهم على هذه الأحوال ضالُّون عن معبودهم وإلههم وخالقهم، ثم رأيتُ كلام السَّلف والأئمة كلهم يصفونهم بمثل ذلك، فمنَّ الله علينا باتباع سبيل المؤمنين وآمنَّا بالله وبرسوله.


(١). الأصل: «فيثبتون ما يثبتونه». وهو تحريف.
(٢). انظر: «الصفدية» (١/ ٢٦٣) , و «مجموع الفتاوى» (٢/ ٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>