للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصودُ هنا أن من يقولُ في الرسول وبيانه للناس مما هو من قول الملاحدة، فكيف يكونُ قوله في السَّلف حتى يدَّعيَ اتباعَه؟ ! وهو مخالفٌ للرسول والسَّلف عند نفسه وعند طائفته, فإنه قد أظهر من قول النفاة ما كان الرسولُ لا يرى إظهاره لما فيه من فساد الناس، وأما عند أهل العلم والإيمان فلا!

وقولُ النفاة باطلٌ باطنًا وظاهرًا، والرسول - صلى الله عليه وسلم - ومتَّبِعُوه منزَّهون عنه، بل مات - صلى الله عليه وسلم - وتركنا على المحجَّة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغُ عنها إلا هالك، وأخبرنا أن كلَّ ما حدث بعده من محدثات الأمور فهو بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار (١).

وربما أنشد بعضُ أهل الكلام (٢) بيتَ مجنون بني عامر (٣):


(١) أخرجه النسائي (١٥٧٨) , وصححه المصنف في «إبطال التحليل» (١١٩) , وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» (٢/ ٨٨). وأصل الحديث في «صحيح مسلم» (٨٦٧) دون قوله: «وكل ضلالة في النار» , وحكم بشذوذها بعض حذاق أهل الحديث المعاصرين, وردَّها المصنف من جهة معناها في موضع آخر, فقال: «ولم يقل: وكل ضلالة في النار, بل يضلُّ عن الحق من قصد الحقَّ وقد اجتهد في طلبه, فعجز عنه, فلا يعاقَب, وقد يفعل بعض ما أُمِر به فيكون له أجرٌ على اجتهاده, وخطؤه الذي ضلَّ فيه عن حقيقة الأمر مغفورٌ له, وكثيرٌ من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة, إما لأحاديث ضعيفةٍ ظنوها صحيحة ... ». «مجموع الفتاوى» (١٩/ ١٩١).
(٢) هو العز بن عبد السلام كما سيأتي (ص: ٢٠٦).
(٣) لم أجد البيت منسوبًا في مصدرٍ متقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>