وقال الشيخ في «منهاج السنة» (٥/ ٤٣٣): «وحدثني غير مرة رجلٌ ــ وكان من أهل الفضل والذكاء والمعرفة والدين ــ أنه كان قد قرأ على شخص سمَّاه لي ــ وهو من أكابر أهل الكلام والنظر ــ دروسًا من المحصَّل لابن الخطيب، وأشياء من إشارات ابن سينا. قال: فرأيت حالي قد تغير, وكان له نورٌ وهدى, ورُئيت له منامات سيئة، فرآه صاحب النسخة بحال سيئة، فقص عليه الرؤيا، فقال: هي من كتابك. وإشارات ابن سينا يعرفُ جمهورُ المسلمين الذين يعرفون دين الإسلام أن فيها إلحادًا كثيرًا، بخلاف المحصَّل يظنُّ كثيرٌ من الناس أن فيه بحوثًا تحصِّل المقصود. قال: فكتبت عليه: محصَّلٌ في أصول الدين حاصلُه ... من بعد تحصيله أصلٌ بلا دين أصلُ الضلالات والشكِّ المبين فما ... فيه فأكثره وحيُ الشياطين
قلت: وقد سئلتُ أن أكتب على المحصَّل ما يُعْرَفُ به الحقُّ فيما ذكره، فكتبتُ من ذلك ما ليس هذا موضعه، وكذلك تكلمتُ على ما في الإشارات في مواضع أخر, والمقصود هنا التنبيه على الجمل ... ». وأظن الرجل الذي يشير إليه شيخ الإسلام من أهل الفضل والذكاء والمعرفة والدين هو الإمام ابن القيم, فقد قرأ أكثر المحصَّل على الصفيِّ الهندي كما ذكر الصفديُّ في «أعيان العصر» (٤/ ٣٦٧) , وكان الصفيُّ من أكابر أهل الكلام والنظر لعهده, وقول شيخ الإسلام: «حدثني غير مرة» يفيد صحبته له, ثم إن البيتين يشبهان شعر ابن القيم ونسج كلامه, وقد أخبر في «الكافية الشافية» (٥٧٠, ٨٣٦) عن طول بحثه عن الحق ووقوعه في شباك المتكلمين حتى لقي شيخ الإسلام ابن تيمية فأخذ بيديه وسار به حتى أراه مطلع الإيمان. وانظر: «مفتاح دار السعادة» (٤٤٦) وتعليقي عليه.