للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنقول: من المعلوم أن هذا مِن تلقيب بعض الناس لأهل الحديث الذين يُقِرُّونه على ظاهره, فكلُّ من كان عنه أبعدَ كان أعظمَ ذمًّا بذلك، كالقرامطة، ثم الفلاسفة، ثم المعتزلة, وهم يذمُّون بذلك المتكلِّمةَ الصِّفاتية من الكُلَّابية والكَرَّامية والأشعرية والفقهاء والصوفية وغيرهم, فكلُّ من اتبع النصوصَ وأقرَّها سمَّوه بذلك.

ومن قال بالصِّفات العقلية مثل: العلم والقدرة, دون الخبرية ونحو ذلك, يسمِّي مُثْبِتةَ الصِّفات الخبرية: حَشْوِيَّة، كما يفعلُ أبو المعالي وأبو حامدٍ (١) ونحوهما.

ولطريقة أبي المعالي كان أبو محمَّدٍ (٢) يَتْبَعُ في فقهه وكلامه, لكنْ أبو محمدٍ كان أعلمَ بالحديث وأتبعَ له من أبي المعالي وبمذاهب الفقهاء، وأبو المعالي أكثرُ اتباعًا للكلام، وهما في العربية متقاربان.

وهؤلاء يَعِيبون منازعَهم إما لجَمْعِه حَشْوَ الحديث من غير تمييزٍ بين صحيحه وضعيفه، أو لكون اتِّباع الحديثِ في مسائل الأصول مِن مذهب الحَشْو لأنها مسائلُ علميةٌ والحديثُ لا يفيدُ ذلك, أو لأن اتِّباعَ النصوص مطلقًا في المباحث الأصولية الكلامية حَشْوٌ لأن النصوصَ لا تَفِي بذلك.


(١) أبو المعالي يَسِمُ بالحشو كلَّ من يجمد في نظره على الظاهر, حتى وَسَم به فقهاء الظاهرية وبعض النحاة, بالإضافة لمن ينبزهم بالمشبهة. انظر: «البرهان» (٤٠, ٤٥, ٩٦, ٣١٥, ٤٠١, ٥٤٥, ٦٩٣, ٦٩٥, ٧٣٢). وكذلك تلميذه الغزالي في «الإحياء» (١/ ٣٩, ٤/ ٣٧٦) , و «الاقتصاد» (٩, ٤٧) , و «مشكاة الأنوار» (٧٣).
(٢) العز بن عبد السلام, وانظر ما سبق (ص: ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>