للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الحديث، بل كثيرٌ منهم لا يحفظون القرآن أصلًا!

فمَن لا يحفظُ القرآنَ ولا يعرفُ معانيه، ولا يعرفُ الحديث ومعانيه، مِن أين يكونُ عارفًا بالحقائق المأخوذة عن الرسول؟ !

وإذا تدبَّر العاقلُ وَجَد الطوائفَ كلَّما كانت الطائفةُ إلى الله ورسوله أقربَ كانت بالقرآن والحديث أعظمَ عناية، وإذا كانت عن الله وعن رسوله أبعَدَ كانت عنهما أنْأى، حتى تجد في أئمَّة علماء هؤلاء من لا يميِّزُ بين القرآن وغيره، بل ربَّما ذُكِرت عنده آيةٌ فقال: لا نسلِّمُ صحَّة الحديث! وربَّما قال: لقوله عليه السلام كذا، وتكونُ آيةً من كتاب الله! وقد بلَغَنا من ذلك عجائب، وما لم يبلُغْنا أكثر (١).

وحدثني ثقةٌ أنه تولى مدرسة مَشْهَد الحسين بمصر بعضُ أئمة المتكلمين رجلٌ يسمَّى شمس الدين الأصبهاني (٢) شيخُ الأيكي (٣)،


(١) قال ابن رجب في «ذيل طبقات الحنابلة» (٣/ ٣٥): عُقِد مرةً مجلسٌ لشيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية، فتكلَّم فيه بعض أكابر المخالفين، وكان خطيبَ الجامع، فقال الشيخُ شرفُ الدين عبد الله أخو الشيخ: كلامنا مع أهل السُّنة، أما أنت فأنا أكتبُ لك أحاديث من الصحيحين، وأحاديث من الموضوعات ــ وأظنه قال: وكلامًا من سيرة عنترة ــ فلا تميِّز بينها!
(٢) محمد بن محمود بن عباد, الأصولي شارح «المحصول» (ت: ٦٨٨) , قال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (١٥/ ٦٢٠): «قليل البضاعة من الفقه والسنة والآثار». وهو صاحب العقيدة التي شرحها المصنف بكتابه «شرح الأصبهانية» , وأشار فيه (٧٢٤) إلى قلة معرفته بالقرآن والحديث.
(٣) محمد بن أبي بكر الفارسي, الصوفيُّ الأصوليٌّ المتكلِّم (ت: ٦٩٧). انظر: «البداية والنهاية» (١٧/ ٧٠٦) , و «شذرات الذهب» (٧/ ٧٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>