للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيت والمعصوم الذي ليس له وجودٌ في الوجود.

والزنادقةُ من الفلاسفة والنُّصَيرية وغيرهم يقدحون تارةً في النقل وهو قولُ جهَّالهم، وتارةً يقدحون في فهم الرسالة وهو قولُ حذَّاقهم كما يذهبُ إليه أكابرُ الفلاسفة والاتحادية ونحوهم.

حتى كان التِّلِمْساني (١) مرةً مريضًا فدخل عليه شخصٌ ومعه بعض طلبة الحديث، فأخذ يتكلَّم على قاعدته في الفِكْر أنه حِجَاب، وأن الأمر مدارُه على الكَشْف، وغرضُه كشفُ الوجود المطلق، فقال ذلك الطالب: فما معنى قول أم الدرداء: «كان أفضلُ عمل أبي الدَّرداء التفكُّرُ» (٢) , فتبرَّم بدخول مثل هذا عليه، وقال للذي جاء به: كيف يدخلُ عليَّ مثل هذا؟ ! ثم قال: أتدري يا بنيّ ما مَثَل أبي الدرداء وأمثاله؟ مَثَل أقوامٍ سمعوا كلامًا وحَفِظُوه لنا حتى نكونَ نحن الذين نفهمُه ونعرفُ مرادَ صاحبه، ومَثَلُه بَرِيدٌ


(١) سليمان بن علي, الملقَّب بالعفيف وهو من أفجر الناس كما يقول المصنف, من غلاة الاتحادية وأعظمهم تحقيقًا للزندقة (ت: ٦٩٠) , قرئ عليه مرةً «فصوص الحكم» لابن عربي, فقيل له: هذا الكلام يخالف القرآن، فقال: القرآن كله شركٌ وإنما التوحيد في كلامنا, فقيل له: إذا كان الوجود واحدًا فلماذا تحرَّم علي أمي وتباح لي امرأتي؟ فقال: الجميع عندنا حلال، ولكن هؤلاء المحجوبون قالوا: حرام، فقلنا: حرامٌ عليكم. انظر: «تاريخ الإسلام» (١٥/ ٦٥٤) , و «الجواب الصحيح» (٤/ ٣٠٢, ٥٠٠) , و «الصفدية» (١/ ٢٤٤) , و «مجموع الفتاوى» (٢/ ١٧٥, ٢٠١, ٢٤٤, ٤٧١, ١٣/ ١٨٦, ١٩٧).
(٢) أخرجه ابن المبارك (٢٨٦, ٨٧٢) , ووكيع (٢٢٤) , وأحمد (١٣٥) , وهنَّاد (٩٥٨) جميعهم في الزهد, وأبو نعيم في «الحلية» (١/ ٢٠٨, ٤/ ٢٥٣, ٧/ ٣٠٠) وغيرهم من وجهين صحيحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>