للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن المقصود هنا أن هؤلاء النُّفاة للعلوِّ وللصِّفات الخبرية، كصاحب «المُلْحَة» (١) وأمثاله, يقولون في الرسول من جنس قول هؤلاء, وأن الذي أظهَره ليس هو الحقَّ الثابتَ في نفس الأمر؛ لأن ذلك ما كان يمكنُه إظهارُه للعامَّة (٢).

فإذا كانوا يقولون هذا في الرسول نفسه, فكيف القولُ في أتباعه من سلف الأمَّة من الصَّحابة والتابعين؟ ! ومن كان هذا أصلَ قوله في الرسول والسَّابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، كان مخالفًا لهم لا موافقًا، لا سيَّما إذا أظهَر النفيَ الذي كان الرسولُ وخواصُّ أصحابه عنده يُبْطِنُونَه ولا يُظْهِرُونَه، فإنه يكون مخالفًا لهم أيضًا.

وهذا المسلكُ يراه عامةُ النُّفاة، كابن رشدٍ الحفيد وغيره (٣) , وفي كلام أبي حامدٍ من هذا قطعةٌ كبيرة (٤).

وابنُ عقيل وأمثالُه قد يقولون أحيانًا هذا، لكن ابن عقيل الغالبُ عليه إذا خرج عن السُّنة أن يميل إلى التجهُّم والاعتزال في أول أمره، بخلاف آخر ما


(١) الأصل: «اللمعة» , تحريف. وهي «الملحة في اعتقاد أهل الحق» للعز بن عبد السلام التي يرد عليها المصنف في هذا الفصل.
وانظر لتأويل العز للعلو وللصفات الخبرية كتبه: «الفتاوى» (٥٦) , و «الإمام في بيان أدلة الأحكام» (٢٣٨, ٢٥٧) , و «مجاز القرآن» (٢٢٤, ٢٢٥, ٢٣٨).
(٢) انظر: «قواعد الأحكام» (١/ ٣٠٤).
(٣) انظر: «مناهج الأدلة» (١٣٣) , و «فصل المقال» (٣٥).
(٤) انظر: «الإحياء» (١/ ٢٠, ٥٨) , و «فضائح الباطنية» (١٥٥) , و «إلجام العوام» (٦) , و «الاقتصاد في الاعتقاد» (٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>