للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحِسِّيَّاتُ الباطنة والظاهرة، والعقليات, والبديهيات (١) , والمتواترات, والمجرَّبات، وزاد بعضهم: الحَدْسِيات.

وليس في شيءٍ من الحِسِّيات الباطنة والظاهرة قضايا كُلِّية؛ إذ الحِسُّ الباطنُ والظاهرُ لا يدركُ إلا أمورًا معيَّنة لا تكونُ إلا إذا كان المخبرُ أدرك ما أخبرَ به بالحِس، فهي تبعٌ للحِسِّيات.

وكذلك التجربةُ إنما تقعُ على أمورٍ معيَّنة محسوسة, وإنما يحكمُ العقلُ على النظائر بالتشبيه، وهو قياس التمثيل.

والحَدْسِياتُ عند من يثبتها منهم مِن جنس التجريبيات, لكن الفرق أن التجربة تتعلَّقُ بفعل المجرِّب, كالأطعمة والأشربة والأدوية، والحدسُ بغير فعل، كاختلاف أشكال القمر عند اختلاف مقابلته الشمسَ، وهو في الحقيقة تجربةٌ علميةٌ بلا عمل، فالمستفادُ به أيضًا أمورٌ معيَّنةٌ جزئيةٌ لا تصيرُ عامةً إلا بواسطة قياس التمثيل.

وأما البديهيات, وهي العلومُ الأوَّلية التي يجعلها الله في النفوس ابتداءً بلا واسطة، مثل الحساب, كالعلم (٢) بأن الواحد نصفُ الاثنين, فإنها لا تفيدُ العلمَ بشيءٍ معيَّن موجودٍ في الخارج، مثل الحكم على العدد المطلق والمقدار المطلق، كالعلم بأن الأشياء المساوية لشيءٍ واحدٍ هي متساوية في أنفسها، فإنا إذا حكمنا على موجودٍ في الخارج لم يكن إلا بواسطة الحسِّ مثل العقل، فإن العقل إنما هو عقلُ ما علمته بالإحساس الباطن أو الظاهر


(١). الأصل: «والبديهية».
(٢). الأصل: «وهي العلم». انتقال بصر من الناسخ. وسيأتي نظيره على الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>